التنقل في الشرق الأوسط يشهد انتقالاً إلى الأفضل
ظل الوقود الحفري يمثل الأساس الذي تقوم عليه العديد من اقتصادات دول الشرق الأوسط. لذا قد يكون من المفارقات أن نرى العديد من الدول التي توفر للعالم حصة هائلة من النفط والغاز تتصدر قائمة الملتزمين بالحد من الاعتماد على تلك المصادر. إذ تتبنى دول مجلس التعاون الخليجي سياسات تهدف إلى الاستغناء تدريجيا عن الوقود الحفري بغية تحقيق اقتصادات تتسم بالاستدامة وتتراجع فيها معدلات انبعاثات الكربون. ومن الملاحظ أن التشجيع على استخدام المركبات الكهربائية والتحول إلى الأشكال الأخرى “للتنقل الأخضر” دوماً ما يقع في الصميم من هذه السياسات.
لنأخذ الإمارات العربية المتحدة مثالاً. تمتلك الدولة خطة وطنية للتغير المناخي 2017-2050، تأتي في صورة خارطة طريق تهدف إلى تعزيز الإجراءات الوطنية التي ترنو إلى الحد من تغير المناخ. وقد قامت الدولة بإطلاق عدداً من المبادرات من أجل تعزيز استدامتها، كما وضعت مؤشرات الأداء الرئيسية لغرض قياس أهدافها ذات الأولوية[1]. وفي المملكة العربية السعودية، تتضمن الاستراتيجية الوطنية للنقل واللوجستيات، والتي تم إطلاقها في عام 2021، أهدافاً بيئية مهمة تشمل: تعزيز الاستدامة، والحد من استهلاك الوقود بنسبة 25٪، وتوفير حلول ذكية لمواجهة تحديات النقل من خلال اعتماد تقنيات التنقل العالمية المتطورة والمبتكرة.[2]
لكن التزام هذه الدول بالتنقل الأخضر يصل إلى أبعد من ذلك. فمخططات وتصاميم “المدن الذكية” الجديدة مثل مدينة مصدر في أبو ظبي ومدينة نيومNEOM بالمملكة العربية السعودية تنطوي على تراجع الحاجة إلى المركبات التقليدية والمحركات التي تعمل بالاحتراق الداخلي.
إذ تبشرنا نيوم بمدينة “بلا سيارات، وبلا طرق تقليدية”[3]. ويتمثل الطموح الكامن ورائها في إنشاء أول نظام للتنقل في العالم يتسم بالاستدامة وسلاسة الاتصال ويعتمد على الطاقة المتجددة بنسبة 100٪ وعلى استخدام مركبات عديمة الانبعاثات.
وعلى عكس المدن القائمة، مثل لندن ونيويورك وباريس، سيتمكن سكان المدينة الذكية من التنقل عبر شبكات متكاملة من الطرق البرية والسكك الحديدية والطيران الجوي باستخدام وسائل النقل التي تعمل بالطاقة المستدامة، لتحل تلك المنظومة المزيج الحالي الذي يضم عدد قليل من السيارات الكهربائية (EV)، والمركبات الهجينة وممرات الدراجات. وعلى مستوى الأحياء، ستقع المرافق الخدمية الرئيسية على بعد مسافة قصيرة يمكن قطعها سيراً على الأقدام أو بركوب الدراجة. وبخلاف ذلك، ستتم تلبية احتياجات التنقل في المدينة من خلال حافلات كهربائية ذاتية القيادة تكون متاحة عند الطلب وكذا من خلال نظام للتنقل تحت الأرض ينطلق بسرعة عالية.
ايجابيات ومكافآت خضراء
تتمثل أهداف التنقل الأخضر في الحد من تلوث الهواء والضوضاء، ومواجهة آثار تغير المناخ، وذلك من خلال التكيف ومحاولات تخفيف هذه الآثار. ووفقاً لتقرير البنك الدولي، يمثل النقل حالياً ما نسبته 23٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المرتبطة بالطاقة على مستوى العالم (GHG) وقرابة الـ 18٪ من جميع الانبعاثات التي يتسبب فيها الإنسان في سياق الاقتصاد العالمي[4]. وقد ورد في التقرير أنه من المتوقع أن ترتفع معدلات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتعلقة بالطاقة بنسبة 40٪ بين عامي 2013 و2040[5]. ويعد تلوث الهواء – سواء الهواء المحيط (الهواء الطلق) أو الهواء الداخلي (الهواء في الأماكن المغلقة) – أكبر خطر بيئي يهدد صحة الإنسان: حيث يتسبب تلوث الهواء المحيط وحده في وفاة ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص كل عام. علاوة على ذلك، تشير الأدلة الواردة من العديد من البلدان إلى أن الضوضاء التي تنتج عن حركة المرور تحتل المركز الثاني بين التأثيرات البيئية الأسوأ التي تهدد الصحة.
من ناحية أخرى، يعد التنقل الأخضر جد ضروري من أجل تحقيق أهداف اتفاقية باريس للأمم المتحدة المتمثلة في خفض انبعاثات الكربون العالمية إلى النصف بحلول عام 2030، وتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفري بحلول عام 2050.
والجدير بالذكر أنه إذا أردنا تحقيق أي هدف يتعلق بخفض الانبعاثات، فإن أول المتطلبات سيتمثل في فصل النمو الاقتصادي عن زيادة الانبعاثات. ويعني ذلك تقليل الانبعاثات من عام إلى آخر بوتيرة ثابتة، حتى في حالة نمو الاقتصاد – وهو ما يطلق عليه الفصل المطلق. أما ثاني أفضل السيناريوهات فيتمثل في أن يفوق معدل نمو الاقتصاد معدل زيادة الانبعاثات ـ وهو ما يطلق عليه الفصل النسبي.
ولا تقتصر ايجابيات التحول إلى الطاقة النظيفة على الجانب البيئي وحسب. فالعبء الذي تلقيه ملكية السيارات على عاتق أية دولة جد هائل بالنظر إلى تكاليف بناء الطرق، وما يرتبط بها من بنية تحتية، فضلا عن توفير الرعاية الطبية الكافية اللازمة للتعامل مع حوادث المرور التي لا مفر منها. وحسب تقرير صادر عن شركة استراتيجي أند كو Strategy & Co، وهي جزء من شبكة برايس ووترهاوس كوبرز PwC، تستطيع دول مجلس التعاون الخليجي تحقيق 400 مليار دولار من القيمة الاقتصادية على مدار العشرين عاماً القادمة إذا ما أعطت الأولوية للنقل العام والسيارات والشاحنات الكهربائية والهجينة، وبرامج مشاركة المركبات وحلول التنقل الصغيرة مثل الدراجات والسكوتر لتحل محل السيارات.[6]
والجدير بالذكر أن مبلغ الـ 400 مليار دولار أمريكي سيأتي من مصادر مختلفة. إذ يذهب التقرير إلى أن خفض الإنفاق على الطرق والبنية التحتية الأخرى، والسياسات التي تهدف إلى عدم التشجيع على امتلاك السيارات، وتحفيز الاستثمار في مشروعات النقل الجماعي، كل ذلك من شأنه توفير ما يصل إلى 145 مليار دولار ورفع معدل استخدام وسائل النقل العام من 2.2٪ إلى 13.6٪ بحلول عام 2040. كما أنه من المنتظر أن يُترجم تراجع الاعتماد على السيارات الشخصية إلى تراجع معدل حوادث الطرق بنسبة 13٪ بحلول عام 2040، وهو ما يؤدي بدوره إلى توفير 115 مليار دولار أمريكي من إجمالي التكاليف المرتبطة بحوادث السيارات. ومع اختفاء الاختناقات المرورية، سيقل وقت التنقل وهو ما سيسهم بدوره في زيادة الإنتاجية بما يصل إلى 75 مليار دولار أمريكي خلال العشرين عاماً القادمة.
وبالنسبة لبلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ثمة محفزات قوية للتنقل الأخضر والالتزام بالنقل المستدام في المدن الحديثة. ولكن هناك أيضا معوقات هائلة يجب التغلب عليها، وهي مجتمعة ترسم تلك الحلقة المفرغة التي طالما حاصرت العديد من المدن ليس فقط في هذه المنطقة، ولكن في جميع أنحاء العالم. فالمدن يتم تصميمها مع أخذ وجود السيارات في الاعتبار – لأن كل شخص لديه سيارة – وهو ما يعني أن الناس تحتاج إلى استخدام السيارات للتنقل في المدينة.
وفي مدن دول مجلس التعاون الخليجي، يمثل النقل الخاص 91٪ من إجمالي عدد الرحلات – وذلك مقارنة بـ 30٪ فقط في مدن مماثلة في أماكن أخرى من العالم. ويرجع ذلك – إلى حد ما – إلى أن تكلفة امتلاك وتشغيل سيارة خاصة يعد أقل بكثير مقارنة بمعظم البلدان، ويعزى ذلك – إلى حد كبير – إلى توافر الوقود المدعوم.
لقد انتشرت المدن، مما زاد من الاعتماد على النقل الخاص، وذلك لأن كل شخص يمتلك سيارة، ولا توجد رسوم تفرض على الاختناقات المرورية لردع المواطن عن استخدام السيارات التي تعمل بمحركات الوقود والديزل، كما أنه لا يوجد تطوير واسع النطاق للبنية التحتية لشحن المركبات الكهربائية. وعلى الرغم من أن مدناً مثل دبي تحفز قاطنيها على سلك المسار الصحيح – وذلك من خلال توفير مواقف مجانية للسيارات وشبكة صغيرة من نقاط شحن للمركبات الكهربائية – إلا أن هذا لا يعد كافياً في حد ذاته لإحداث تحول كبير في السلوك الجماعي عندما يتعلق الأمر بالتنقل.
زيادة الاستثمارات
وعلى الصعيد العالمي، يتم توجيه استثمارات ضخمة نحو أنظمة النقل الجماعي اللازمة لتوفير بديل عملي للسيارات – والتي يوجد منها الكثير في الشرق الأوسط. فعلى سبيل المثال، قامت قطر بتشييد أحد أكثر أنظمة قطارات المترو تقدماً على الإطلاق – مترو الدوحة – في إطار استعداداتها لاستقبال كأس العالم لكرة القدم. حيث تنطلق قطاراتها ذاتية القيادة منذ عام 2019 بسرعة 60 ميلاً في الساعة عبر شبكة تمتد بطول 47 ميلاً وتضم 37 محطة. ويقع المشروع ضمن مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى الحد من الاختناقات المرورية في المدينة بنسبة 50٪، وهو الأمر الذي من شأنه توفير ما يقارب المليار دولار أمريكي على مدار 20 عاماً، ناهيك عن خفض انبعاثات الكربون بنسبة 30٪.
وفي المملكة العربية السعودية، سيشهد عام 2023 افتتاح مترو الرياض، الذي تبلغ تكلفته 22.5 مليار دولار أمريكي، والذي يضم 85 محطة[7]، ومن المنتظر أن يعمل بطاقة يومية تبلغ 1.16 مليون مسافر في بداية التشغيل، تصل إلى 3.6 مليون مسافر بعد عشر سنوات. ومن المتوقع أن يساهم المشروع في خفض عدد رحلات السيارات بحوالي 250 ألف رحلة في اليوم، ذلك إلى جانب توفير حوالي 400 ألف لتر من الوقود يومياً، وزيادة نسبة استخدام وسائل النقل العام من 5٪ حالياً إلى 20٪ خلال 10 سنوات. ويعد المشروع جزءاً من مشروع الملك عبد العزيز للنقل العام بمدينة الرياض، وسيتم استكماله بشبكة حافلات شاملة تضم 842 حافلة و2860 محطة و80 مساراً.[8]
وفي مناطق أخرى من الإقليم نفسه، تتنامى أنظمة النقل الجماعي القائمة وتشهد تطوراً ملحوظاً. ففي دبي، كان خط المترو الذي ضم ست محطات وامتد بطول 15 كيلومتراً إلى معرض إكسبو 2020 من العوامل الرئيسية لإنجاح المعرض، حيث ساهم في نقل مئات الآلاف من الزوار إلى مقر المعرض بسرعة وكفاءة. وقد بلغت تكلفة هذا الخط حوالي 2.9 مليار دولار أمريكي. وفي الوقت الحالي، تدرس هيئة الطرق والمواصلات في الإمارة (RTA) مد شبكة المترو لأكثر من 12 ميلاً من المسارات الجديدة، وإضافة عشرات المحطات التي يتم إنشاؤها في الوقت الحالي[9].
وهناك أيضا مترو القاهرة، والذي يعد الأول من نوعه في أفريقيا، وقد بدأ ينطلق منذ عام 1987، ومنذ ذلك الحين، راحت الدولة تضيف إليه التوسعات حتى أصبح المترو اليوم يمتد بـطول 56 ميلاً ويضم 74 محطة[10] ويقوم بنقل ما يقرب من أربعة ملايين مسافر يومياً[11]. ويدار المترو من قبل الهيئة الوطنية للأنفاق (NAT)، والتي أبرمت عقوداً بقيمة 650 مليون يورو لبناء خط رابع يمتد بطول 12 ميلاً ويضم16 محطة ليربط محطة حدائق الأشجار في مدينة 6 أكتوبر بمحطة الملك الصالح في القاهرة الجديدة، وهو يخدم منطقة المتحف المصري الكبير الجديد وأهرامات الجيزة.
ظلت أحد أكبر التحديات التي تواجه البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فيما يتعلق بتطوير خيارات النقل العام المستدامة تتمثل في عدم الاهتمام بتطوير أنظمة النقل العام بالشكل المطلوب، وما صاحب ذلك من سلوكيات وثقافات طويلة الأمد: فلماذا استخدم حافلة مزدحمة بينما يمكنني استخدام سيارة خاصة بتكلفة زهيدة؟ ومن بين 180 دولة مدرجة في مؤشر الأداء البيئي لعام [12]2022، تحتل الإمارات المرتبة 39 (وتكون بذلك قد صعدت من المرتبة 42 في عام 2020)، في حين تحتل السعودية المرتبة 109، وتأتي قطر في المرتبة 137، وهو ما يظهر أن أداء تلك الدول البيئي يعد أقل بكثير من نظيراتها الأوروبية[13]. لكن هذا الأمر يتغير بشكل تدريجي. فأساطيل الحافلات تزداد والكثير منها يعمل بالكهرباء – وربما بالهيدروجين.
التنقل الأخضر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يتحرك بأقصى سرعة
وفي الإمارات العربية المتحدة، يتم تجربة الحافلات الكهربائية في كل من أبو ظبي ودبي والشارقة.
حيث تطلق أبوظبي حافلة صديقة للبيئة[14] تم تطويرها بالتعاون مع شركات مصدر وحافلات وسيمنز، في الوقت الذي تستعد فيه هيئة الطرق والمواصلات في دبي لاستخدام الشحن اللاسلكي الذي يمكّن الحافلات والمركبات الأخرى من الشحن أثناء الحركة من خلال شبكة مدمجة لشحن الطاقة تقع تحت مسار الطريق وتمتد بطول 60 متراً.[15]
وقد قامت بالتوقيع على اتفاقيات مع كل من فولفو ومجموعة باص تك الأسترالية من أجل اختبار تشغيل الحافلات الكهربائية صفرية الانبعاثات.[16]
من ناحية أخرى، قامت قطر بتشغيل أحد أكبر أساطيل الحافلات الكهربائية في العالم. وهي تمتلك في الوقت الحالي 741 حافلة يوتنج Yutong إلكترونية تم استخدامها في نقل مشجعي كرة القدم أثناء كأس العالم لكرة القدم 2022. وتعد هذه الحافلات جزءا من طلبية بإجمالي 1002 حافلة إلكترونية تديرها شركة “مواصلات”، والتي تمثل هيئة النقل العام في البلاد. وفي مصر، تم شراء أسطول من 110 حافلة كهربائية للنقل العام في كل من القاهرة والإسكندرية.
ولا يقتصر التحرك نحو حلول النقل المستدام التي تعمل بالطاقة الكهربائية على الحافلات والسيارات وحسب – فمن الممكن أن نرى قريبا الطائرات الكهربائية تحلق في سماء الشرق الأوسط. والجدير بالذكر أن الطيران يسهم في إطلاق ما يقرب من حوالي 2.5 ٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم، لذلك يعتبر تحويل القطاع من الاعتماد على الوقود الحفري إلى استخدام الطاقة الكهربائية النظيفة من الأولويات[17]. وتعتزم شركة فالكون لخدمات الطيران، والتي يقع مقرها في أبوظبي، شراء 35 طائرة عمودية كهربائية (eVTOL) وذلك بغرض إطلاق رحلات سياحية في دبي في عام 2026[18].
ولدي المملكة العربية السعودية خطط أكبر وأكثر طموحاً [19]من ذلك. حيث قامت شركة الطيران الوطنية السعودية بتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة ليليوم Lilium المدرجة في بورصة ناسداك – وهي شركة ألمانية – والتي ستقوم بتوريد ما يصل إلى 100 طائرة عمودية كهربائية (eVTOL) للمملكة. وقد أفادت التقارير أن شركة الطيران تدرس إنشاء شبكة لخدمات درجة رجال الأعمال في جميع أنحاء البلاد تشمل الرحلات الجوية وللخدمات التي تغذي المراكز الرئيسية للخطوط الجوية السعودية.
ومن خلال شركة جميل لإدارة الاستثمار (JIMCO)، تلعب مؤسسة عبد اللطيف جميل دوراً في التحول إلى الطيران الإلكتروني[20]. حيث قامت المؤسسة بالاستثمار في الشركة الناشئة جوبي للطيران Joby Aviation والتي يقع مقرها في كاليفورنيا، والتي تعمل على تطوير سيارة الأجرة الكهربائية eVTOL. ويمكن للمركبة الطائرة الموجهة ذات الخمسة مقاعد أن تحلق بسرعة 200 ميل في الساعة وتغطي 150 ميلاً بشحنة واحدة، وتهدف الشركة إلى تحقيق التسويق التجاري لخدماتها بحلول عام 2024.
ويقول حسن جميل، نائب الرئيس ونائب رئيس مجلس إدارة عبد اللطيف جميل: “لا تزال خدمة التاكسي الجوي في المراحل الأولى من التسويق التجاري، ولكنها خدمة تستطيع أن تغير مستقبل التنقل بالكامل. ويعتبر تحسين امكانيات النقل اليومي بما يتماشى مع الاستدامة البيئية مهمة نتقاسمها مع جميع شركائنا في قطاع الأعمال التجارية.”
وفي سياق الخروج من دائرة النقل التقليدية، تتطلع دبي إلى الاقتراب تدريجياً من إطلاق أول هايبرلوب في العالم يربط بين أبوظبي ودبي[21]. ومن المتوقع أن يقلص هذا المشروع – والذي تبلغ تكلفته مليارات الدولارات – وقت التنقل للمسافر بين دبي وأبو ظبي من أكثر من 60 دقيقة إلى 12 دقيقة فقط – إلا أن تاريخ الانتهاء منه لم يتم تأكيده بعد.
وبسرعات تصل إلى 760 ميلاً في الساعة، ستنقل البضائع والركاب محمولين في كبسولات تسبح في الفراغ. وبفضل نظام المحركات الكهربائية الخطية، والكهرومغناطيسية اللااتصالية، والسحب الديناميكي الهوائي المنخفض، لن يحتاج الأمر سوى أقل قدر ممكن من الطاقة. كما أن الهايبر لوب لن يصدر ضوضاءً، فلن يُسمع منه سوى الصوت “ووش”. وجديرا بالذكر أن رائد الأعمال المتخصص في مجال التكنولوجيا إيلون ماسك هو أول من وضع التصور الخاص بهذه التقنية التي تبنتها فيما بعد شركة “فيرجن هايبرلوب وان”.
وعلى صعيد آخر، قامت شركة موانئ دبي العالمية، التي يقع مقرها في دبي، والمتخصصة في مجال الخدمات اللوجستية، قامت بالاستثمار في انشاء مشروع مشترك، وهو نظام “كارجوسبيد” من موانئ دبي العالمية ، والذي من المنتظر له أن “ينقل البضائع ذات الأولوية العالية والحساسة للوقت/سريعة التلف بما في ذلك الأطعمة الطازجة، والإمدادات الطبية، والإلكترونيات، وغيرها.”[22] .ولدى الرئيس التنفيذي لشركة موانئ دبي العالمية، سلطان أحمد بن سليم، طموحات عالية فيما يتعلق بهذه التقنية، فقد توقع في عام 2020 أنه “بإنطلاق مشروع هايبرلوب في الخليج، تصبح المدن كافة على بعد أقل من ساعة عن بعضها البعض، مع إمكانية نقل 45 مليون مسافر في العام”[23]. وأضاف بن سليم أن الشركة كانت تعمل مع هيئة المدينة الاقتصادية في المملكة العربية السعودية لدراسة إمكانية انشاء مركز أبحاث وتطوير ومنشأة لتصنيع الهايبرلوب. ومن المنتظر أن يسهم ذلك في توفير أكثر من 124000 وظيفة محلية في مجال التقنيات المتطورة، وأن يسهم بحلول عام 2030 في نمو الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 4 مليارات دولار أمريكي.
في الوقت نفسه، لاقت خيارات مشاركة التنقل والتنقل الصغير إقبالاً ملحوظاً. وتشمل خيارات مشاركة التنقل خدمات سيارات الأجرة مثل كريم والحافلات تحت الطلب وخدمات النقل المكوكية مثل سويفل، بالإضافة إلى خيارات تأجير السيارات ذاتية القيادة، مثل “إيكار” و”يو درايف” في دبي[24]. في هذا السياق، تعتبر شركة كريم الرائدة بين الخيارات الأخرى وقد اكتسبت شهرتها بوصفها الـ”يونيكورن” الأول (شركة ناشئة استطاعت أن تنمو حتى بلغت قيمة أعمالها مليار دولار أمريكي أو أكثر). وفي عام 2020، اشترت شركة أوبر شركة كريم مقابل 3 مليارات دولار أمريكي، ويقع مقرها الرئيس في دبي، وتعمل في 14 دولة – بما في ذلك المملكة العربية السعودية وقطر ومصر – وتنطلق في 90 مدينة ولديها 33 مليون مستخدم مسجل. وقد أكمل “كباتنها” – كما يُطلق على سائقيها – 109 ملايين رحلة في جميع أسواقها[25]، وقد دخلت في شراكة مع شركة عبد اللطيف جميل للسيارات، وباب رزق جميل في عام 2016، وذلك من أجل إيجاد فرص عمل.
في السياق نفسه، يشهد قرار شركة كريم بتوفير الدراجات البخارية الكهربائية في دبي على إمكانيات سوق التنقل الصغير – ونعني به أية وسيلة تنطلق على إطارين حاملة شخص واحد فقط. من ناحية أخرى، يوفر المشغلون مثل “تاير”، و”سكرت”، و”آرناب”، و”لايم” دراجات بخارية كهربائية من خلال التطبيقات في دبي.
لا شك أن التنقل الأخضر ينطلق ويتنامى في إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويظهر ذلك جلياً في تلك البلدان التي تستفيد من الثروة النفطية ويعيش بها عدد قليل نسبياً من السكان. قد يرى المشككون هذا التقدم محدود النطاق، ولكن من المؤكد أنه حقيقي وأن دول المنطقة لا تكتفي بالخطب الرنانة عندما يتعلق الأمر بقضية غازات الاحتباس الحراري وانبعاثات الكربون. فأفعالهم جادة، وتنطوي على قيمة مادية – وفي بعض الحالات – مبتكرة على نحو جدير بالإعجاب.
[1] https://reglobal.co/green-mobility-achieving-carbon-neutrality-through-transport-in-the-middle-east-by-2030/
[2] https://www.arabnews.com/node/1885636/saudi-arabia
[3] https://www.neom.com/en-us/ourbusiness/sectors/mobility
[4] https://openknowledge.worldbank.org/handle/10986/30493
[5] https://openknowledge.worldbank.org/handle/10986/30493
[6] https://www.strategyand.pwc.com/m1/en/insights/2021/sustainable-mobility/sustainable-mobility.pdf
[7] ‘Doha metro rings fans together’, The Observer, 4 December 2022.
[8] https://www.rcrc.gov.sa/en/projects/king-abdulaziz-project-for-riyadh-public-transport
[9] https://www.rcrc.gov.sa/en/projects/king-abdulaziz-project-for-riyadh-public-transport
[10]https://www.railjournal.com/infrastructure/dubai-tenders-metro-extension-contracts/
[11] http://mic-ro.com/metro/metrocity.html?city=Cairo
[12] https://www.railway-technology.com/projects/cairo-metro/
[13] https://www.colas.com/en/media/press-releases/phase-1-cairo-metro-line-4-colas-led-consortium-wins-system-package
[14] https://epi.yale.edu/epi-results/2022/component/epi
[15] https://reglobal.co/green-mobility-achieving-carbon-neutrality-through-transport-in-the-middle-east-by-2030/
[16] https://reglobal.co/green-mobility-achieving-carbon-neutrality-through-transport-in-the-middle-east-by-2030/
[17] https://mediaoffice.ae/news/2020/Feb/12-02/RTA-starts-trial-run-of-dynamic-charging-of-electric-vehicles
[18] https://www.rta.ae/wps/portal/rta/ae/home/news-and-media/all-news/NewsDetails/rta-signs-agreement-with-australian-bustech-group-to-trial-eco-friendly-electric-bus?lang=en
[19] https://www.iea.org/reports/aviation
[20] https://www.falconaviation.ae/2022/06/07/eve-and-falcon-aviation-services-announce-partnership-to-introduce-evtol-flights-in-dubai/
[21] https://lilium.com/newsroom-detail/lilium-partners-saudia
[22] https://alj.com/en/news/abdul-latif-jameel-invests-in-joby-aviation/
[23] https://gulfnews.com/business/markets/with-dubai-owned-dp-worlds-push-hyperloop-to-soon-enable-dubai-abu-dhabi-cargo-transport-in-minutes-1.1635651215642
[24] https://www.dpworld.com/smart-trade/cargospeed
[25] https://www.dpworld.com/news/blogs/virgin-hyperloop-is-our-moonshot-moment-for-global-transportation-and-trade
[26] https://www.strategyand.pwc.com/m1/en/insights/2021/sustainable-mobility/sustainable-mobility.pdf
[27] https://www.zawya.com/en/press-release/careem-releases-its-customer-and-business-trends-of-2021-ri8ppwc6