المركبات التجريبية تطلق العنان لمستقبل التنقل
كل الأفكار الكبيرة لها بدايات متواضعة، فكل فكرة تبدأ على لوحة الرسم. وهذه حقائق عالمية، لكنها تنطبق بشكل خاص على عالم المركبات المتطورة، حيث تتطلب الاستثمارات الكبيرة في البحث والتطوير، والتكاليف الباهظة للإنتاج، ناهيك عن الدعاية العالمية المكثفة، اختبارات دقيقة للابتكارات والأداء وآراء الجمهور قبل أن تبدأ عجلة الإنتاج الضخم بالدوران.
لم يكن هذا الأمر أكثر وضوحاً مما هو عليه اليوم، حيث تشهد مفاهيم ماهية ”السيارة“ ومفهوم ”التنقل“ بحد ذاته أكبر ثورة لهما منذ أجيال.
فعلى مدى عقود من الزمن، لم تحظَ السيارات والدراجات والشاحنات إلا بالقليل من التعديلات والتطويرات المتمركزة حول محاور ثابتة نسبياً – مثل التحوّل من الوقود المحتوي على الرصاص إلى الوقود الخالي من الرصاص، أو إدخال تقنيات جديدة أصبحت لاحقاً معايير أمان عالمية، مثل أنظمة المكابح المانعة للانغلاق (ABS)، أو الاعتماد الواسع النطاق لأنظمة الملاحة داخل السيارة، على سبيل المثال.
لكننا لم نعد نعيش في عالم التطورات المتواضعة. . . .
في واقعنا المعاصر الذي يتسم بالسرعة والتطور، نجد أنفسنا مندفعين نحو مستقبل جديد ومثير، مستقبل تعتمد فيه المركبات على مصادر طاقة جديدة ومستدامة؛ حيث تقود بعض السيارات نفسها بنفسها أو حيث تدمج ”المركبات الهجينة“ مزايا وسائل النقل المتعددة. الخلاصة أننا، وبإيقاع متسارع لم يشهد له مثيل، نندفع بسياراتنا، ودراجاتنا، بل وأحياناً نحلّق إلى آفاق لم نرها من قبل.
بالطبع لن تصل جميع ”مركبات الغد“ إلى مرحلة الإنتاج الضخم، وهذا هو الغرض الأساسي من المركبات التجريبية – اختبار الأفكار والابتكارات لتحديد أفضلها توافقاً مع اتجاهات المستقبل، وما يحمل منها وعداً بمستقبل تجاري مشرق. للمركبات التجريبية تاريخ طويل ومتنوع، ويمكن أن يساعد فهم بعض هذه المعالم في وضع رواد الصيّحات التكنولوجية اليوم في سياق أكثر واقعية.
لمحات من التاريخ
خلال ما يقرب من 140 عاماً منذ اختراع ”العربة بدون حصان“، ظهرت مركبات ذات تصميم خاص بجميع الأشكال والأحجام. بعضها ذو عجلتين، والبعض الآخر مستوحى من مملكة الطبيعة، وبعضها الآخر يهدف إلى تحدي الجاذبية تماماً. ومع ذلك، فقد أخذت المركبات التجريبية تصورها النهائي في شكل السيارة ذات المحرك.
قد يتجادل الخبراء حول المركبات التجريبية التي أصبحت الأكثر شهرة أو التي تمثل أفضل اللحظات الفارقة في عالم السيارات.
فقبل أكثر من عقد من الزمان من اكتساحه الأسواق الجماهيرية بطراز «تي» (T)، كشف المخترع الأمريكي هنري فورد النقاب عن دراجته الرباعية، التي صُممت في البداية كعربة بلا أحصنة.
كانت هذه المركبة ذات العجلات الأربع، التي لا تحتوي على مكابح، تُقاد بمقبض يشبه ما يستخدم في قيادة القوارب، لكنها لم تصل أبداً إلى مرحلة الإنتاج الضخم.
وبدلاً من ذلك، يمكن لسيارة «واي-جوب» (Y-Job) التي أنتجتها بويك في عام 1938 أن تدّعي بحق أنها أول “سيارة تجريبية” نالت شهرة عالمية حقيقية.
فقد أصبحت مصابيحها الأمامية المخفية ونوافذها الكهربائية ومصداتها الملتفة وسقفها القابل للسحب لمسات تصميمية ألهمت شركات تصنيع السيارات لعقود قادمة.
لفترة من الوقت، كانت المركبات التجريبية تعني شيئاً واحداً، وهو السرعة.
فقد ركّزت سيارات ألفا روميو الثلاث من طراز (B.A.T) في خمسينيات القرن الماضي على التصاميم الديناميكية الهوائية ومعاملات السحب المنخفضة، مما مكّنها من الوصول إلى سرعات تصل إلى 200 كيلومتر في الساعة. ولم تكن سيارة «فايربيرد 2» (Firebird II) من جنرال موتورز في عام 1956 تشبه الطائرة النفاثة فحسب، بل كانت تعمل في الواقع بمحرك نفاث (محرك توربيني غازي من طراز ويرلفاير GT-304) وتميزت بأشكال نموذجية من مكيفات الهواء والكاميرات المثبتة وأنظمة الاتصال ثنائية الاتجاه. وفي عام 1970، قدمت سيارة «512 اس مودولو» (512 S Modulo) من فيراري مفهوماً جديداً بالاستغناء عن الأبواب لصالح زجاج أمامي قابل للسحب للدخول والخروج السريع، مع عجلات مغطاة تذكرنا بسيارات السباق.
ومنذ ازدياد الاهتمام بالسيارات الكهربائية (EVs) في مطلع القرن الحادي والعشرين، أصبحت كلمة ”معيار“ في عالم السيارات تعني الكفاءة والنظافة. ويشير عشاق السيارات الكهربائية إلى سيارة «تسلا رودستر» (Tesla Roadster) (2008)، وهي أول سيارة كهربائية تتجاوز مسافة قيادتها 200 ميل، أو سيارة «نيسان ليف» (Nissan Leaf) (2010)، وهي أول سيارة هاتشباك خماسية الأبواب عديمة الانبعاثات من شركة تصنيع كبرى، باعتبارها سيارة تجريبية غيرت قواعد اللعبة.
لم تقتصر المفاهيم المبتكرة على السيارات فحسب، بل شملت الدراجات أيضاً، التي شهدت رحلتها الفريدة في عالم الابتكار التجريبي. كان أول نموذج اختباري عملي قابل للتطبيق هو الدراجة الخشبية الألمانية ذات العجلتين في أوائل القرن التاسع عشر – والتي يُقال إن اختراعها جاء كرد فعل على المجاعات التي أدت إلى نقص الخيول بسبب موجات تلف المحاصيل المتتالية. وشهدت العربات ذات العجلتين نهضة في ستينيات القرن التاسع عشر مع ظهور النماذج الأولى المزودة بدواسات في الأسواق، وظهور أول نماذج ”عالية العجلات“ في العقد التالي، وأبرزها عربة «بيني فارثينغ» (Penny Farthing).
أدّى ظهور الدراجات الهوائية ذات السلاسل في ثمانينيات القرن التاسع عشر، مما سمح بظهور أنظمة التوجيه، إلى جعل جميع الموديلات السابقة تبدو بالية. وأدخلت أفكار مثل دراجة روفر للسلامة في عام 1885 العجلات الأمامية الكبيرة إلى كتب التاريخ من خلال تبني الإطارات الهوائية، مما أرسى الأساس لتصميم الدراجات الذي نراه اليوم.
وبعيداً عن جنون الألفية الحالية، فقد ظهرت الدراجات الكهربائية الأولى المزودة بمستشعرات عزم الدوران وأدوات التحكم في الطاقة في الواقع في شكل نموذج تجريبي في التسعينيات. كانت الدراجة الكهربائية SX من جلوبال موتورز واحدة من أولى المحاولات لتصنيع دراجة كهربائية بأسعار في متناول الجميع. ولكن في السنوات الأخيرة فقط، وبفضل التكنولوجيا خفيفة الوزن والتراجع السريع في تكاليف البطارية، أصبحت الدراجات الكهربائية متاحة على نطاق واسع.
وطوال عصرنا التكنولوجي، وفرت المركبات التجريبية استطلاعاً للمستقبل بأسعار معقولة. فهي وسيلة لاستكشاف الأفكار بعيداً عن قيود التكنولوجيا الحالية، أو لتجربة بعض الأفكار التي يمكن انتقاؤها لاحقاً لتعميمها على نطاق أوسع. وإذا ما نظرنا إلى المركبات التجريبية بمعزل عن غيرها من المركبات التجارية، فلربما نجد أنها لا تدرّ أموالاً طائلة، ولكن هذا ليس بيت القصيد؛ فالعائد على الاستثمار يظهر فقط من خلال منظور طويل الأجل.
الأفكار التجريبية ورغبات العملاء المتغيرة
تلخّص شركة برايس ووترهاوس كوبرز الاستشارية العالمية للأعمال اتجاهات السيارات المستقبلية على أنها ”EASCY“- بمعنى كهربائية، ذاتية القيادة، مشتركة، متصلة، وقابلة للتحديث سنوياً.[1]
- مركبات كهربائية: تركز التشريعات الحالية على سرعة التخلص من المركبات المسيّرة بالوقود الأحفوري، حيث تستهدف العديد من الجهات التنظيمية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بشكل طموح عام 2035 كموعد نهائي للتحوّل إلى نموذج المركبات الكهربائية الجديدة (على الرغم من أن هذا قد يكون هدفاً طموحاً للغاية).
- مركبات ذاتية القيادة: ستوفر المركبات القادرة على قيادة نفسها بنفسها الوقت للركاب للانخراط في العمل أو حتى الترفيه، فضلاً عن إتاحة إمكانية قيادة المركبات للفئات المستبعدة حالياً بسبب العمر أو العجز. وبحلول عام 2030، يمكن أن تشكلمركبات القيادة الذاتية ما يصل إلى 40% من الأميال المقطوعة إجمالاً.
- مركبات مشتركة: تعتبر السيارة القابعة في موقف السيارات لعبة باهظة الثمن، في حين أن امتلاكها ليس ضرورياً للجميع. سترتفع شعبية المركبات المشتركة في السنوات القادمة، حيث يتم حجزها فقط عند الحاجة إليها، وغالباً ما تتم إدارتها وصيانتها بشكل احترافي. وبحلول عام 2030، قد تصل نسبة المركبات المشتركة إلى ثلث الأميال المقطوعة إجمالاً.
- مركبات متصلة: ستكون مدن المستقبل ”ذكية“،وستعمل شبكات النقل فيها بسلاسة من خلال حاسوب مركزي مع مراقبة حية للطرق والسكك الحديدية. لذلك ستحتاج مركبات المستقبل إلى أن تكون متصلة ببعضها البعض، ليس فقط للتواصل مع بعضها البعض لتجنب الاصطدام، ولكن أيضاً مع مركز معلومات مركزي للملاحة الفعالة.
- مركبات محدثة سنوياً: لم تعد المركبات التي تغادر صالة العرض بحاجة إلى أن تكون ثابتة في أشكالها النهائية. فالمكونات القابلة للتغيير تعني أنه يمكن تحديثها بانتظام لاستيعاب أحدث التطورات في الأجهزة والبرامج، مما يبقيها في الطليعة لفترة أطول.
سيتأثر كل عنصر من عناصر صناعة وسائل التنقل الشخصية بهذه التغييرات القادمة. فبالنسبة للمصنعين، يعني ذلك إدخال أنماط إنتاج أكثر مرونة والتعاون مع شركاء خارجيين. أما بالنسبة لشركات التأمين، فهذا يعني هيكل تسعير جديد وسياسات محدثة للقيادة الذاتية. وبالنسبة للمشرعين، يعني ذلك صياغة معايير جديدة للصناعة. أما بالنسبة لمقدمي الخدمات المالية، فهذا يعني التكيف مع عادات العملاء الجديدة وخطط التأجير والشراء الأكثر تعقيداً. وبالنسبة للتجار، فهذا يعني التخلص التدريجي من المبيعات والخدمات البسيطة والتركيز على دعم ما بعد البيع على المدى الطويل وبناء العلاقات.
ولكن لماذا يعتبر فهم هذه الاتجاهات مهماً عند النظر إلى الوضع الحالي للمركبات التجريبية؟ لأنه في النهاية، ستنتصر الفائدة على الموضة. فالمركبة التجريبية التي لها مستقبل يتجاوز عروض السيارات لن تكون مركبة جذابة فحسب، بل ستلبي احتياجات المستهلك العصري الذي يعاني من ضيق الوقت، ويواجه تحديات اقتصادية، ويدرك أهمية البيئة.
أفكار متطورة لمركبات الغد
مركبات الطرق
تتمتع شركة تويوتا، التي كانت عبد اللطيف جميل ولا تزال شريكاً موثوقاً لها منذ ما يقرب من 70 عاماً، بسجل حافل في وضع تصاميم بعض أكثر السيارات ابتكاراً في العالم.
تويوتا «إل كيو» (LQ)، على سبيل المثال، مزودة بقدرات آلية من المستوى الرابع من معايير السلامة والأمان لجمعية مهندسي السيارات الدولية – أي أنها قادرة على قيادة نفسها بنفسها دون تدخل بشري ضمن معايير محددة للموقع والسرعة. كما تهدف «إل كيو» أيضاً إلى أن تكون أول مركبة تشجع على تعزيز التواصل العاطفي بين السيارة والسائق، وذلك بفضل منصة «يوي» (Yui)، وهي وحدة ذكاء اصطناعي قوية تم تصميمها لتعلم سلوك السائق وتقديم تجربة مخصصة حقاً. تشمل الميزات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي وظيفة الأوامر الصوتية التي تتحكم في عدة أنظمة، مثل نظام المقاعد المكيفة المصمم للاستجابة لمستويات يقظة السائق.
أما المركبات التجريبية الحالية من نيسان فهي تثير في تصاميمها أفلام الخيال العلمي الماضية والحاضرة، فلدينا الآن سيارة «نيسان هايبر فورس» (Nissan Hyper Force) الأنيقة المسيرة بالكهرباء بالكامل وتعمل على موازنة الطاقة مع المبادئ البيئية الراسخة، لتقدم لنا سيارة رياضية عالية الأداء تعمل بالبطارية حصراً. وبالنسبة لأولئك الأقل اهتماماً بالسرعة، تتعهد سيارة «هايبر أوربان» (Hyper Urban) من نيسان بمواكبة عالم دائم التغيّر، إذ يمكنها استيعاب التحديثات المستمرة للبرامج والأجهزة، كما يمكنها نقل الطاقة من السيارة إلى لوحة الكهرباء المنزلية عبر نظام V2H، مما يساعد في تقليل تكاليف الطاقة المنزلية. ولمن يبحث عن بديل أكثر متانة، يمكن لنظام «هايبر أدفينشر» (Hyper Adventure) رباعي العجلات التعامل مع تضاريس متعددة ويمكنه أن يعمل كمصدر طاقة محمول. وتشمل الطرازات الأخرى في المجموعة سيارة «هايبر بانك» (Hyper Punk)، التي تتميز بتقنية طلاء حصرية تغيّر لونها حسب مصدر الضوء وزاوية الرؤية.
وبالمثل، لدى هوندا بعض الأفكار التصميمية المثيرة على لوحة الرسم. تم الكشف عن سيارات هوندا الكهربائية من سلسلة 0 في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية 2024 في لاس فيغاس، وتشمل مركبة «سبيس هاب» (Space-Hub) الهجينة التي تجمع بين غرفة المعيشة والسيارة الرياضية متعددة الاستخدامات، وهي مزودة بمقاعد مواجهة لبعضها البعض، ونوافذ بانورامية، وسقف شفاف لتوفير إحساس يحاكي البيت الزجاجي. تعالج مركبة «سبيس-هاب»، المقرر إطلاقها تجارياً في عام 2026، المخاوف بشأن استهلاك البطارية من خلال وعد بفقدان 10% فقط من المدى بعد عقد من الزمن وأوقات شحن تتراوح بين 10 و15 دقيقة.
تم عرض سيارة ألباين الكهربائية المدمجة من طراز A390، وهي سيارة دفع رباعي، في معرض باريس للسيارات 2024 قبل إطلاقها المرتقب في عام 2025. وقد أظهرت النماذج الأولية في باريس لمسات تصميمية باهرة مثل السقف الزجاجي والأبواب الخلفية التي تُفتح في الاتجاه المعاكس. أما التصميم الأكثر جرأة فيتجلى في سيارة «ألبينغلو هاي 4» (Alpenglow Hy4) من شركة «ألباين» أيضاً، وهي مركبة فائقة السرعة تعمل بالهيدروجين وتتمتع بإمكانات سيارات السباق وسرعة قصوى تبلغ 220 ميلاً في الساعة، وتتميز بهيكل منخفض، وخطوط ديناميكية هوائية وتفاصيل ضوئية كهربائية تمتد في جميع أنحاء هيكل السيارة.
وليست «ألباين» وحدها التي تراهن على الهيدروجين. تتميز سيارة «بينينفارينا إنجما جي تي» (Pininfarina Enigma GT) التي ظهرت لأول مرة في معرض جنيف الدولي للسيارات 2024 بمحرك V6 يعمل بالهيدروجين وزمن تسارع من 0 إلى 62 ميل في الساعة في أقل من أربع ثوانٍ. .[2] ويشمل التصميم الجديد المستوحى من المسلسل التلفزيوني الشهير «ستار تريك» (Star Trek)، مظلة قابلة للفتح بالكامل، وزجاجاً أمامياً يلتف حول جميع الركاب. وإذا وصلت السيارة إلى مرحلة الإنتاج الكامل، يمكن للمشترين أيضاً أن يتوقعوا الحصول أيضاً على تقنيات مساعدة السائق المدعومة بالذكاء الاصطناعي وتقنيات الملاحة المدعومة بالواقع المعزز.
كما يمكن للتكنولوجيا الحديثة أن تتكامل مع الجماليات العتيقة بشكل باهر.
ويتجلى أبرز مثال على ذلك في سيارة «رينو آر 17 ريستومود» الكهربائية (R17 Electric Restomod x Ora Ïto) التي جرى عرضها في باريس في عام 2024، وتتميز بمحرك كهربائي متطورة بقوة 270 حصاناً مثبت داخل هيكل مستوحى من سيارة رينو 17 الكلاسيكية لعام 1971 – ومن المؤكد أنها ستجذب عشاق السيارات القديمة الذين يهتمون في الوقت نفسه بحماية كوكب الأرض.
وفي الوقت نفسه، صُممت مركبة “بروجيكت فيكتور” (Project Vector) من جاكوار لاند روڤر مع التركيز على المستقبل، ووصفت بأنها ”جاهزة للقيادة الذاتية“ ومهيأة للاتصال بالبنى التحتية للمدينة الذكية في كل مراحل تطورها. ومع وجود أنظمة الدفع والبطاريات المثبتة تحت الأرضية، يمكن إعادة تشكيل المقاعد الداخلية (التي تتسع لستة ركاب كحد أقصى) بسرعة لتلبية احتياجات التنقل الخاصة أو المشتركة. وقد تم بالفعل تجربة الإصدارات ذاتية القيادة في حرم جامعة وارويك في المملكة المتحدة.
تتمتع مركبة بروجيكت فيكتور بإمكانات تؤهلها لسد الفجوة بين الاستخدامات الخاصة والتجارية، بل ويمكن أن تتجاوز ذلك إلى عمليات التوصيل حتى الميل الأخير. وهي مع ذلك ليست المركبة النموذجية الوحيدة التي تهدف إلى تغيير مفهوم نقل البضائع.
شحن البضائع الخفيفة
هناك قدر مماثل من الابتكار الواضح في سوق المركبات الخفيفة.
فقد كشفت شركة «كيا» الكورية الجنوبية النقاب عن شاحنتها الكهربائية «بي في 5» (PV5) التي تعمل بالبطاريات، في معرض ألمانيا الدولي للسيارات (معرض فرانكفورت للسيارات سابقاً) في خريف هذا العام. وتُصنف «بي في 5»، المقرر إطلاقها في عام 2025، بأنها ”حل متكامل للتنقل“، كونها مزودة ببرامج قابلة للتحسين مصممة خصيصاً لمختلف قطاعات السوق والمناطق. [3] تم تصميم «بي في 5» لخدمات النقل التشاركي، والتوصيل، والخدمات المرفقية، وتتميز بقدرة اتصال بيانات محسّنة لتشغيل عمليات متعددة الاستخدامات، مما يبشر بتقليل وقت التعطل وفعالية أكبر من حيث التكلفة. ومن المرجح أن تكون الإصدارات المستقبلية من هذه المركبة المبتكرة قابلة للتفاعل بشكل كامل مع برمجيات القيادة الذاتية والبنى التحتية للمدن الذكية وشبكات الطاقة.
لا يأتي الابتكار في قطاع الشحن الخفيف من شركات تصنيع المعدات الأصلية العريقة فحسب، بل من الشركات المبتكرة المتمرسة في مجال التكنولوجيا أيضاً.
فعلى سبيل المثال، أطلقت الشركة الهولندية «سبرينج تايم» (Springtime) نموذجها الأولي المدمج «ديسباتش» (Dispatch) لتوصيل البضائع في المدن الكبرى [4].
وفي الوقت الحالي، تصل العديد من الطرود إلى المنازل والمكاتب بواسطة مركبات تعمل بالديزل، ولكن «ديسباتش» تهدف إلى قلب هذا الواقع رأسا على عقب.
تعمل عربة الشحن الإلكترونية المدمجة للغاية عن طريق بطاريات قابلة للتبديل لتشغيلها دون انقطاع. كما أنها تتميز بحجرة شحن قابلة للتبديل يمكنها استيعاب كل شيء بدءاً من الصناديق المغلقة إلى أسرّة التوصيل المسطحة.
Sفيما تركز مركبة التوصيل «سكوتيليتي» (Scootility) من شركة «سبرينج تايم»، والحائزة على جائزة التصميم «كور 77» لعام 2024، على كفاءة تخزين البضائع على عجلتين بدلا من أربع عجلات، إذ تستوعب عربة «سكوتيلتي» ما يعادل ثلاث أو أربع حقائب، ومع ذلك يمكن أن تصبح نموذجاً لا غنى عنه لعمليات التوصيل في المدن المزدحمة بفضل مقودها الضيق للغاية – بقياس أقل من الدراجة – ودائرة الدوران الضيقة.
أما بالنسبة لأحمال البضائع الأصغر حجماً، فإن مركبة «ميكرو باليت» (Micro Palette) ذاتية القيادة من تويوتا – وهي في الأساس نظام لتكديس الرفوف على قاعدة متعددة العجلات – يمكن أن تقود إلى مستقبل عمليات التوصيل من الباب إلى الباب أو قد تثبت أنها أداة لا غنى عنها لنقل مخزون المستودعات [5].
ومع ازدياد المنافسة على مساحة الطريق، نرى المبتكرون منشغلون أيضاً بإعادة تصور مستقبل الدراجات النارية والدراجات الهوائية.
الدراجات النارية والدراجات الهوائية
تعكف الشركة الألمانية «كانيون» (Canyon) على تصميم حلول هندسية للتغلب على القيود التقليدية لركوب الدراجات النارية والدراجات الهوائية – لا سيما نقص الثبات والتعرض للعوامل الجوية.
مركبة ”نموذج التنقل المستقبلي“ من ”كانيون“، والتي لم تتم تسميتها بعد، هي دراجة كهربائية محاطة بكبسولة مقاومة للعوامل الجوية، مع مساحة تخزين خلفية للأمتعة أو الأطفال [6]. وهي مزودة بقاعدة رباعية العجلات لضمان التوازن، لكنها مع ذلك تظل ضيقة بما يكفي لتناسب معظم ممرات الدراجات. ويتم التحكم في التوجيه عبر ذراعي تحكم أسفل المقعد. تمزج هذه الآلة بين أفضل عناصر السيارة والدراجة، ويمكنها قطع مسافة تصل إلى 60 كم في الساعة على الطرقات وتقطع مسافة 150 كم بشحنة واحدة. وقد يستغرق الأمر حتى عام 2028 لكي نرى هذه المركبة من ”كانيون“ على الطرقات، ولكن عندما تصل إلى الأرض قد يتراوح سعرها بين 5,000 يورو و7,000 يورو. [7]
وتتبنى تويوتا نهجاً مماثلاً في القيادة النظيفة من خلال مركبتها «آي-رود» (i-ROAD) التي تجمع بين مزايا السيارة والدراجة .[8] تدمج هذه المركبة الكهربائية ثلاثية العجلات بين راحة السيارة وقدرة الدراجة النارية على المناورة لتتمكن من السير في حركة المرور المزدحمة. وعلى غرار الدراجة النارية، يمكن لمركبة «آي-رود» نقل ما يصل إلى شخصين، بينما تحافظ تقنية ”الانحناء النشط“ على متعة التجربة. يتم التحكم في المركبة بواسطة مستشعر للدوران يعمل على تحريك العجلات تلقائياً لأعلى ولأسفل في اتجاهين متعاكسين، مع تطبيق زاوية ميل لمقاومة قوة الطرد المركزي عند الانعطاف.
وحتى الآن، تم عرض «آي-رود» في معارض السيارات فقط. ومع ذلك، تظهر تقنية ”الانحناء النشط“ نفسها في سيارات مماثلة من شركة «لين موبيلتي» (Lean Mobility) اليابانية الناشئة التي أسسها المصمم السابق لتويوتا أكيهيرو ياناكا. وكان أول منتج لها هو مركبة «رايدرويد لين3» (RideRoid Lean3)، وهي مركبة مكيفة ذات مقعدين لا يتجاوز حجمها ثلث حجم سيارة الركاب العادية. ومن المستهدف إطلاقها في اليابان وأوروبا في عام 2025، بهدف بيع حوالي 50,000 مركبة منها في غضون خمس سنوات.
الشاحنات
بعد أن أظهرت شركة «ريفيان» (RIVIAN) المدعومة من عبد اللطيف جميل إقبالاً على الجيل التالي من الشاحنات (من خلال طرازيها (F-150 Lightning) و (R1T) على التوالي)، يبقى السؤال: إلى أين تتجه سوق المركبات الأثقل وزناً في المستقبل؟
البعض يرى أن شاحنة «فينفاست وايلد» (VinFast Wild)، التي طورتها شركة فيتنامية رائدة في مجال تصنيع المركبات الكهربائية، تمثل لمحة عن مستقبل السيارات. تتميز هذه الشاحنة الكهربائية بسرير تخزين قابل للتمدد في منتصفها [9. وبضغطة زر، يقوم النظام بطي المقاعد الخلفية والزجاج وجدار السرير تلقائياً إلى الأسفل، مما يحوّل الشاحنة المدمجة إلى شاحنة متوسطة الحجم أكبر حجماً بطول 2.5 متر تقريباً، وهي الأكبر في فئتها.
أو ربما سيتطور مستقبل النقل بالشاحنات على غرار شاحنة «رام 1500 ريف» (Ram 1500 REV) الكهربائية بالكامل، وهي شاحنة قوية متعددة الاستخدامات تفوق حمولتها حد السحب البالغ 6350 كجم الذي تقدمه شاحنة «تسلا سايبرتك» (Tesla Cybertruck). ويمكن لشاحنة «رام 1500 ريف»، التي تم الكشف عنها لأول مرة في شكلها التجريبي في عام 2023، اجتياز أعماق المياه حتى 60 سم، ويبلغ أقصى مدى لها 500 ميل. وستدخل شاحنة «رام 1500 ريف» مرحلة الإنتاج قبل نهاية هذا العام، وهي مهمة جادة للشركة الأم «ستيلانتيس» (Stellantis)، التي أنفقت أكثر من 230 مليون دولار أمريكي على تجهيز مصنع «ستيرلنج هايتس» في ديترويت لتجميع هذه المركبة. [10]
ربما تبدو الشاحنات، المقيّدة بالاعتبارات العملية، على وشك الخضوع لتطور تدريجي أكثر من ثورة جذرية – ولكن الحال ليس كذلك بالنسبة للزوايا الأكثر تخصصاً في سوق المركبات.
المركبات الجوية
لمن يبحث عن مركبة تخطف الأنظار حقاً، فلا داعي للبحث بعيداً عن شاحنة «إكسبينج إيروهت» (Xpeng AeroHT) الصينية،
وهي شاحنة ذات عجلات ست تتميز بمكون غير اعتيادي – وحدة طيران متكاملة [11].
تسمح ”حاملة الطائرات الأرضية“ هذه بالاستكشاف ليس فقط على الأرض ولكن في الجو أيضاً.
تخيل شاحنة بيك آب متينة ذات عجلات ست مزودة بمركبة طائرة على طراز الطائرات بدون طيار مدمجة في مقصورتها الخلفية. يمكن إطلاق ”المركبة الطائرة“، التي يتم شحنها باستمرار بواسطة وحدة الطريق، بشكل مستقل وقيادتها لمسافات قصيرة على ارتفاعات منخفضة، لأغراض التنقل بين المواقع ذات المناظر الخلابة أو حتى لأغراض المسح والاستكشاف. وتتميز الطائرة بتقنية الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائي (eVOTL)، مع أوضاع قيادة يدوية/تلقائية، ونظام دفع كهربائي موزع لضمان السلامة، وقمرة قيادة بانورامية بزاوية 270 درجة.
قد يبدو الأمر غير واقعي، لكن هذه المركبة التجريبية تبدو مهيأة بشكل كبير لدخول خطوط الإنتاج على نطاق تجاري. فمن المتوقع أن يبدأ تصنيعها في وقت لاحق من هذا العام لتسليمها في عام 2025، بسعر أقل من 2 مليون يوان (277,000 دولار أمريكي). وقد أثارت المركبة اهتماماً واسعاً بالفعل، حيث تم تسجيل أكثر من 2,000 طلب شراء بعد عرضها في معرض الصين الدولي للطيران والفضاء في نوفمبر 2024. .[12]
ربما تكون مركبة «إكسبينج إيروهت» سابقة لعصرها. فمع تزايد ازدحام الطرقات أكثر من أي وقت مضى، من المتوقع أن يكون مستقبل التنقل البشري في البيئات الحضرية قائماً على خدمات التنقل الجوي الكهربائي التشاركي.
تتصدر شركة «جوبي أفييشن» (Joby Aviation)، ومقرها كاليفورنيا، وهي شريك موثوق لشركة «جيمكو» (JIMCO) [13، الذراع الاستثمارية لعبد اللطيف جميل، طليعة هذه السوق المثيرة. ويبدو أن طائرة جوبي الكهربائية العمودية، التي تعمل بستة محركات، ستحوّل حلم النقل الجوي السريع وميسور التكلفة من نقطة إلى نقطة داخل المدن إلى حقيقة واقعة.
صُمم ”التاكسي الطائر“ لاستيعاب طيار واحد بالإضافة إلى أربعة ركاب، وتبلغ سرعته القصوى 200 ميل في الساعة، ولا يَصدر عنه أي انبعاثات كربونية ولا تلوث ضوضائي. ولدى الشركة رؤية استراتيجية طويلة الأجل لبناء خدمة عالمية للركاب توفر ساعة أو أكثر من حياة مليار شخص يومياً.
وقد سجلت شركة «جوبي أفييشن» بالفعل 30,000 ميل من الطيران الآمن وتخضع حالياً لبرنامج اختبار لعدة سنوات مع إدارة الطيران الفيدرالية (FAA). وتأمل الشركة في إطلاق خدمتها التجارية لنقل الركاب بشكل مبدئي في عام 2025. وشهد شهر نوفمبر 2024 بدء أعمال الإنشاءات في أول مبنى للشركة في مطار دبي الدولي، وهو عبارة عن منشأة من ثلاثة طوابق بمساحة 3,100 متر مربع تحتوي على منصتين للإقلاع والهبوط، وتقع في مطار دبي الدولي. [14]
أفكار تتجاوز السيارات
لا تقتصر الابتكارات الإبداعية وراء المركبات (أو الطائرات) التجريبية على المركبات نفسها. فقد خطت شركة «فيرن» (Verne) الكرواتية الناشئة خطوة أخرى إلى الأمام، مستخدمةً المركبات التجريبية كأساس لتطوير منصة وفق نموذج التنقل كخدمة (MaaS) من الجيل التالي.
يعتمد نظام فيرن الجديد للتنقل المستقل في المناطق الحضرية على ثلاثة عناصر رئيسية:
- مركبة كهربائية ذاتية القيادة بالكامل بمقعدين، مشيّدة على منصة جديدة كلياً مصممة خصيصاً للقيادة الذاتية – بدون عجلة قيادة أو دواسات.
- منصة مبتكرة لطلب المركبة، تتيح للعملاء تخصيص إعدادات المركبة قبل طلب الرحلة، بما في ذلك الراحة، والإضاءة، ودرجة الحرارة، وحتى العطر.
- مقر رئيسي يسمى ”المركبة الأم“ في كل مدينة تعمل فيها، حيث يتم فحص مركبات فيرن وصيانتها وتنظيفها وشحنها يومياً.
وتقوم شركة «فيرن» حالياً ببناء أول منشأة إنتاج لها في كرواتيا لتصنيع المركبات الكهربائية ذاتية القيادة تمهيداً لتوزيعها عالمياً.
شحن بالطاقة الشمسية
لا يهم إذا كانت المركبات تسير على الأرض أو في السماء، لكن السؤال هو: إذا كان مستقبل المركبات كهربائياً، فكيف نضمن الشحن الكافي للاستخدام المنتظم؟
تقوم العديد من الشركات بتجربة ألواح شمسية متطورة لشحن السيارات أثناء التنقل وفي الرحلات.
تُعد شركة «لايتيير» (Lightyear) الهولندية إحدى هذه الشركات التي تبتكر أسطحاً شمسية للمركبات، من خلال منتجها الذي يُطلق عليه اسم «لايتيير لاير» (Lightyear Layer). توفر هذه المنصة الكهروضوئية المتكاملة للمركبات (VIPV) – وهي في الأساس ألواح شمسية مثبتة على السقف الخلفي للمركبات – حلول شحن مستقلة عن شبكات الطاقة من خلال تسخير طاقة الشمس. وبالنسبة للشركات، يعني ذلك تنقلاً مستداماً وزيادة في حرية التشغيل. وتأمل الشركة في إدماج هذا النظام متعدد الاستخدامات في مختلف أشكال المركبات وأحجامها وأنواعها – من سيارات الركاب إلى المركبات التجارية الخفيفة وحتى المركبات البحرية.
تستفيد بعض المركبات بالفعل من إمكانات الشحن بالطاقة الشمسية في المستقبل القريب. وتتقدم شركة «أبتيرا موتورز» (Aptera Motors)، وهي شركة أمريكية لتصنيع السيارات، على غيرها من الشركات الأخرى بمركبتها الشمسية «أبتيرا لونش» (Aptera Launch) المستوحاة من تصميم المركبات الفضائية.
ويقال إن هذه المركبات الكهربائية ذات الهيكل خفيف الوزن يمكن أن تسير لأشهر دون شحن بفضل مجموعة من الخلايا الشمسية المدمجة على متنها بسعة 700 واط، والتي يمكنها التقاط طاقة كافية لقطع مسافة 40 ميلاً يومياً.
يتميز تصميم «أبتيرا» (Aptera) الفريد المستوحى من الطائرات النفاثة والسيارات الرياضية بقدرته على اختراق الهواء باستخدام 30% فقط من الطاقة التي تستهلكها المركبات الكهربائية المماثلة. في الواقع، تهدف هذه المركبة ذات المقعدين إلى أن تكون السيارة الأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة على الإطلاق وعلى مر تاريخ صناعة مركبات التنقل.
المركبات التجريبية تعكس اتجاهات مستقبل التنقل
تتباين المركبات التجريبية، بحكم تعريفها، تبايناً صارخاً في ابتكارها وتصميمها والغرض منها، لكن هناك أنماطاً يمكننا من خلالها تحديد تلك المبادئ التوجيهية التي تم تحديدها سابقاً: المركبات الكهربائية وذاتية القيادة والمشتركة والمتصلة والقابلة للتحديث.
وأياً كانت طريقة تطويرها، بدءاً من النموذج المصنوع من الألياف الزجاجية وصولاً إلى النماذج العاملة، فإن مفاهيم التنقل اليوم كلها تقريباً كهربائية. ففي ظل التوقعات بأن يصل استخدام الوقود الأحفوري إلى ذروته قريبا [15] ، مع ازدياد الاحترار العالمي بمستويات غير مسبوقة [16] ، فليس من المستغرب أن تتجه مشاعر المستهلكين نحو وسائل التنقل المتجددة.
ومع تزايد التنافس على الوقت وارتفاع مطالب الناس لتخصيص المزيد من وقتهم للترفيه، تتميز العديد من هذه المركبات بمستويات متفاوتة من التكنولوجيا ذاتية القيادة. وبدءاً من مساعدة السائق ووصولاً إلى أوضاع الطيار الآلي الشاملة، تهدف مركبات الغد إلى تخفيف الضغط عن وسائل النقل الشخصية والتجارية.
وستؤدي الطبيعة المتزايدة للاتصال بين المركبات (سواء بين مركبة وأخرى، أو بين المركبات ومراكز المرور المركزية) إلى ترسيخ السلامة والكفاءة كأولويات قصوى. كما أن المدن الذكية ستشجع المركبات الذكية، والعكس صحيح.
على سبيل المثال، تم تصميم العديد من المركبات المذكورة أعلاه – مثل مركبة «فيكتور بروجيكت» من جاكوار لاند روڤر والمركبة الجوية الكهربائية العمودية من «جوبي أفييشن» – للاستخدام التشاركي بدلاً من الملكية الشخصية. فالمركبات التشاركية، التي غالباً ما يتم حجزها عبر تطبيق، ليست أفضل للبيئة فحسب، بل هي أيضاً أقل تكلفة بالنسبة للمستهلك الفردي.
كيف تساعد المركبات التجريبية في صياغة ملامح المستقبل
حتماً، لا تدخل جميع المركبات التجريبية مرحلة الإنتاج الكامل. فقبل اعتبارها صالحة للسير على الطرقات أو حتى صالحة للطيران، قد تنشأ الحاجة إلى تعديلها لأسباب تتعلق بالسلامة أو لأسباب تنظيمية أو تتعلق التكلفة، وبالطبع لن تنجو جميعها من هذه المرحلة الانتقالية. لكن هذا لا يعني أن المركبات التجريبية هي مجرد حماقات أو أنها لا تدرّ أموالاً طائلة للشركات التي لديها موارد كافية، بل هي بالأحرى وسيلة لتجربة الأفكار الجديدة بتكلفة معقولة في منتدى عام، وتخطي حدود ما يُعتقد أنه ممكن.
فالمركبة التجريبية هي باختصار ”مسرّع للتطوير“، على حد تعبير تييري متروز، مدير التصميم في العلامة التجارية الفرنسية الفاخرة «دي سي» (DS)، والذي كانت شركته مكلفة بتصميم سيارة (DS X e-tense)، وهي مركبة تجريبية قوية وكهربائية بالكامل وذاتية القيادة مع مساعد شخصي ثلاثي الأبعاد، وقد جذبت الأنظار إليها بقوة في معرض جنيف للسيارات في سويسرا عام 2016. .[17]
وكما تقول جاسمين وونغ، نائب الرئيس لقطاع التنقل في عبد اللطيف جميل: ”إن التنقل هو رحلة يخوضها العالم بأسره معاً، ومن ثم فإن مفهوم المركبات التجريبية لا يقتصر على جهات معينة من العالم، بل هي بالأحرى مسعى دولي حقيقي، وهي الشغل الشاغل لكل من مصنعي المعدات الأصلية في الأسواق المتقدمة في الولايات المتحدة وأوروبا، بالإضافة إلى الشركات التي تعمل في ما يسمى باقتصادات النمور في آسيا والتي تسعى إلى توسيع نطاق حضورها على الساحة العالمية.
”أنا أؤمن تماماً بأنه يجب السماح للابتكار بالمجازفة وحتى الفشل. والواقع أن هذه الخصائص هي السمة المميزة لأي منظومة تكنولوجية سليمة. وفي نهاية المطاف، ومن خلال آلية الانتقاء الذاتي، تدرّ المركبات النموذجية عائدات وتحفز الابتكار وتدفع عجلة التقدم. وبفضل جرأتها في تخيل ما يمكن أن تكون عليه وسائل النقل الشخصية في المستقبل، تُعد المركبات التجريبية أيضاً أدوات حيوية لتغذية آمالنا وإشعال أحلامنا.“
[1] https://www.pwc.com/gx/en/industries/automotive/publications/eascy.html
[2] https://www.autoexpress.co.uk/news/362419/far-out-pininfarina-enigma-gt-22-gt-hydrogen-powered-v6
[3] https://worldwide.kia.com/int/pbv-intro
[4] https://springtime.nl/?open_portfolio=3352#cbp=https://springtime.nl/portfolio-view/dispatch-compact-cargo-for-big-cities/
[5] https://www.toyota-europe.com/innovation/mobility-solutions/mobility-products
[6] https://www.canyon.com/en-gb/blog-content/electric-bike-news/electric-bikes/future-mobility-concept.html
[7] https://www.cyclingelectric.com/in-depth/canyons-2020-podbike-concept-e-bike-a-vision-of-the-future
[8] https://www.toyota-europe.com/innovation/mobility-solutions/mobility-products
[9] https://vinfastauto.us/newsroom/press-release/vinfast-unveils-new-electric-pickup-truck-concept-vf-wil
[10] https://robbreport.com/motors/cars/electric-ram-1500-rev-go-into-production-this-year-1235858725/
[12] https://tribune.com.pk/story/2509382/xpeng-aeroht-secures-2008-pre-orders-for-modular-flying-car-at-airshow-china
[13] https://alj.com/en/news/abdul-latif-jameel-invests-in-joby-aviation/
[14] https://www.autoevolution.com/news/jobys-first-vertiport-in-dubai-is-coming-to-life-242704.html
[15] https://www.weforum.org/agenda/2023/10/iea-energy-peak-fossil-fuel-demand-by-2030/
[16] https://www.theguardian.com/environment/2024/feb/17/february-on-course-to-break-unprecedented-number-of-heat-records