من أوروبا إلى آفاق أوسع

حوار مع علي حيدر بوزكورت، أحد أبرز خبراء صناعة السيارات، وقائد مسيرة التوسع المتواصل لـجميل للسيارات نحو الأسواق الأوروبية.
شهدت الأشهر الستة الماضية سلسلة من الأخبار اللافتة والاتفاقيات الاستراتيجية التي عززت حضور جميل للسيارات، الذراع المتخصص بقطاع التنقل ضمن شركة عبد اللطيف جميل، بشكل ملحوظ في أهم أسواق السيارات العالمية، لتؤكد مكانتها كلاعب مؤثر على خريطة صناعة السيارات الدولية.
ففي سبتمبر 2024، وقّعت جميل للسيارات اتفاقية مع مجموعة تشجيانغ جيلي فاريزون الصينية (فاريزون أوتو)، الرائدة في قطاع المركبات التجارية العاملة بالطاقة الجديدة، وذلك لتوزيع مركبات فاريزون التجارية على مستوى العالم في 11 دولة، يتجاوز مجموع سكانها 450 مليون نسمة. وتشمل الاتفاقية في مرحلتها الأولى المركبات الكهربائية، على أن تمتد لاحقاً لتغطي المركبات الهجينة والهيدروجينية، وربما التي تعمل بالميثانول أيضاً.
وأعقب ذلك، في ديسمبر ويناير، الكشف عن مزيد من التفاصيل مع الاحتفال بتوقيع اتفاقيات توزيع لعلامة فاريزون سريعة النمو في كل من المملكة المتحدة وأستراليا والإمارات العربية المتحدة، ما أسهم في دفع عجلة التحوّل المستمر في قطاع التنقل على نطاق عالمي.
وتوالت الاتفاقيات بوتيرة متسارعة، لتشمل شانجان في جنوب أفريقيا، وجيلي أوتو وجي إيه سي موتور في بولندا، وجيلي أوتو في إيطاليا، بالإضافة إلى مشروع مشترك مميز مع مجموعة جي إيه سي في المملكة المتحدة لطرح علامة آيون للمركبات الكهربائية، وأخيراً، تعيين جميل للسيارات موزعاً لعلامتي أومودا | جايكو التابعتين لمجموعة شيري في العراق. وبذلك، يصل نطاق شبكة توزيع جميل للسيارات إلى نحو 13 سوقاً عالمياً، مع خطط للتوسع في المزيد من الأسواق، بما يشمل أيضاً قطع الغيار ومكوّنات ما بعد البيع.

ويقود هذا التوسّع المستمر لجميل للسيارات في عدد من الأسواق الأوروبية المختارة علي حيدر بوزكورت، الرئيس التنفيذي لجميل للسيارات في أوروبا وتركيا، والذي يشرف على سائر العمليات في مختلف أنحاء القارة.
كما يُشرف بوزكورت على عمليات جميل للسيارات في تركيا، والتي تشمل وكالات توزيع تويوتا ولكزس وبي واي دي، إضافة إلى أنشطة بيع السيارات المستعملة.
ويُعد بوزكورت من القيادات المخضرمة في صناعة السيارات، حيث شغل العديد من المناصب الإدارية العليا ضمن عمليات عبد اللطيف جميل في تركيا، ويشغل حالياً رئاسة رابطة موزعي السيارات والتنقل (ODMD)، وهي الهيئة الوطنية لموزعي السيارات في تركيا.
كان لنا هذا الحوار مع بوزكورت للحديث عن نمو جميل للسيارات، وشراكاتها مع أبرز علامات السيارات العالمية، وآخر تطورات الأسواق، وخططه المستقبلية.

س: هل يمكن أن تشرح لنا طبيعة مسؤولياتك الحالية في أوروبا؟
ج: بالإضافة إلى مسؤوليتي عن أعمالنا في تركيا، أتولى الإشراف على مجموعة من أبرز عمليات جميل للسيارات في أوروبا، من بينها وكالات تويوتا–لكزس في موناكو، ووكالات توزيع جي إيه سي موتور وجيلي أوتو في بولندا، وجيلي أوتو في إيطاليا، ومركبات فاريزون التجارية في المملكة المتحدة، وقريباً المشروع المشترك مع مجموعة جي إيه سي لإطلاق علامة آيون في المملكة المتحدة أيضاً. وتتجاوز مهامي نطاق الإدارة التشغيلية لتشمل استكشاف مشاريع جديدة وصفقات استحواذ في الأسواق الأوروبية، مع تركيز خاص على قطاع التنقل. وقد انطلقت هذه المسؤوليات الموسّعة في أكتوبر 2023، لتشكّل محطة محورية في مسيرة جميل للسيارات نحو ترسيخ حضورها في القارة الأوروبية.
كما أن منصبي الحالي يمثل امتداداً طبيعياً لمسيرتي المهنية السابقة في أوروبا، إذ تولّيت سابقاً إدارة عمليات السيارات في ثلاث مدن ألمانية، إلى جانب الإشراف على ما بين 10 و11 موزعاً فرعياً، فضلاً عن قيادة العمليات في مدينة ولفرهامبتون بالمملكة المتحدة. وبعد نجاحنا في ترسيخ وتوسيع أعمالنا في تركيا، جاءتني قبل نحو 14 شهراً فرصة لتولي هذا الدور الشامل على مستوى القارة الأوروبية.
س: لماذا تسعى جميل للسيارات لتوسيع حضورها في أوروبا الآن تحديداً؟
ج:هناك عاملان جوهريان يحددان توقيت توسعنا في أوروبا. أولاً، يشهد عالم التنقل تحوّلاً جذرياً يعيد صياغة المشهد بأكمله؛ فنحن ننتقل من حقبة المركبات المزودة بمحركات الاحتراق الداخلي إلى عصر المركبات الهجينة والكهربائية، ومع ذلك، قد يشهد العقدان المقبلان تغييرات أعمق تقود نحو نماذج أعمال جديدة تقوم على منصات تشاركية توفر حلول تنقل متكاملة بدلاً من الملكية التقليدية للسيارات. ولم يعد الأمر مقتصراً على نقل الأشخاص من نقطة “أ” إلى نقطة “ب”، بل يمتد ليشمل نقل البضائع، وحتى نقل البيانات عبر مركبات ذكية مزوّدة بأحدث تقنيات التنقل المتطورة.

هذا الزخم في قطاع السيارات ليس وليد اللحظة بالنسبة لعبد اللطيف جميل، بل هو جزء أصيل من هويتنا المؤسسية، سواء عبر التوسع العضوي أو غير العضوي. فنحن نمتلك إرثاً راسخاً في صناعة السيارات يمتد لأكثر من 70 عاماً، منذ أن أصبحت عبد اللطيف جميل الموزع الرسمي لسيارات تويوتا في المملكة العربية السعودية، ونحرص دوماً على استكشاف الفرص الواعدة حول العالم. ولعل خير دليل مثال على ذلك شركة “ريفيان“؛ إذ زرتها قبل نحو 15 عاماً حين كانت في بداياتها الرائدة في إنتاج المركبات الكهربائية المخصصة للمغامرات، لبحث فرص التعاون المحتملة، وبعد أعوام قليلة، أصبحت عائلة جميل من أوائل المستثمرين في ريفيان وشريكاً استراتيجياً مهماً لها.
ثانياً، برزت الصين اليوم كلاعب استراتيجي مؤثر في السوق الأوروبية، مدفوعة بمزايا تنافسية في التكلفة وبقفزات كبيرة في التقدم التكنولوجي. وبالنسبة للمصنّعين الصينيين، تمثل أوروبا الوجهة الأولى للتوسع في قطاع المركبات الكهربائية. وقد أدركنا في جميل للسيارات أننا نمتلك المقومات اللازمة لنكون الشريك الأمثل لشركات تصنيع المعدات الأصلية الصينية (OEM) في دخولها لهذه الأسواق، غير أن نافذة هذه الفرص ليست مفتوحة إلى الأبد — فإذا انتظرنا خمس سنوات، فقد نفقد الزخم. ولهذا نوجّه تركيزنا نحو أسواق أوروبية متوسطة الحجم مثل بولندا، واليونان، والمجر، وهولندا، وبلجيكا، والبرتغال، بدلاً من الاقتصار على ما يُعرف بالأسواق الخمس الكبرى التقليدية — ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وغيرها — التي تميل الشركات المصنّعة إلى إدارتها مباشرة بنفسها.
س: ما هي استراتيجية جميل للسيارات مع علامات مثل “بي واي دي” و”فاريزون” و”جي إيه سي” في أوروبا؟
ج: ينصب تركيزنا حالياً على ترسيخ مواقعنا كمستوردين أو موزعين، بما يمنحنا القدرة على إدارة استراتيجيات العلامات التجارية بالكامل في أسواق محددة. حالياً، نتولى في تركيا دور المستورد والموزع الحصري لعلامة “بي واي دي”، ونعمل بفاعلية على استكشاف فرص جديدة مع علامات صينية أخرى، إلى جانب الشركات المصنعة التقليدية في أوروبا. ومن خلال وجودنا في بولندا والمملكة المتحدة، نسعى لتوسيع أنشطتنا لتشمل مجالات إضافية مثل تجارة السيارات المستعملة، بما يحاكي سلسلة القيمة الناجحة التي بنيناها في تركيا.

نحن حالياً في طور تأسيس البنية المؤسسية لهذه العمليات، بدءاً من إنشاء الأنظمة وهيكل الشركات، مروراً بعمليات التوظيف، ووضع البنية التحتية لتقنية المعلومات، ووصولاً إلى إبرام اتفاقيات استراتيجية مع جهات خارجية، تشمل وكالات التسويق، والعلاقات العامة، والمكاتب القانونية، ووكالات التخليص الجمركي، فضلاً عن إتمام عقود صالات العرض الرئيسية في مواقع مختارة بعناية.
وبالنسبة للشركات المصنعة الصينية، نُدرك أن الوصول إلى وفورات الحجم لن يتحقق خلال العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة، لذلك نتبنى منظوراً طويل الأمد كشريك استراتيجي، مستندين إلى نهج عبد اللطيف جميل القائم على الثقة والاحترام المتبادلين — وهو ما جسدته شراكتنا التاريخية مع تويوتا. ورغم التحديات الحالية المرتبطة بالرسوم الجمركية التي فرضتها أوروبا على المنتجات الصينية، فإننا على ثقة بأن هذه القضايا التجارية ستجد حلولاً على المدى المتوسط، مما سيمهّد الطريق أمام دخول هذه الشركات إلى الأسواق الأوروبية.
س: ما هي طموحاتكم لجميل للسيارات في أوروبا؟
رغم أن الوقت لا يزال مبكراً لطرح أرقام دقيقة في ظل التغيرات المستمرة في اللوائح والرسوم الجمركية، لكن طموحنا يبقى واضحاً: تحقيق حصة سوقية تبلغ 5% في كل سوق ندخله خلال السنوات الخمس الأولى، ثم رفع هذه النسبة في الخطة الخمسية التالية إلى ما بين 8% و10%، بغض النظر عن العلامة التجارية أو السوق. نحن نتحرك بانتقائية شديدة في بناء شراكاتنا، مرتكزين على خمس أو ست علامات واعدة تشترك معنا في القيم نفسها وتتمتع بآفاق نمو قوية في المستقبل.
ندرك أن سوق المركبات العاملة بالطاقة الجديدة، بما في ذلك العلامات الصينية، مقبل على موجة واسعة من الاندماجات والاستحواذات خلال الأعوام القليلة المقبلة، ولهذا نتحرك بسرعة مدروسة وانتقائية عالية لنضمن لأنفسنا موقعاً متقدماً للاستفادة من هذه التحولات. ونحن مؤهلون تماماً لهذا التوسع، مستندين إلى قوتنا الراسخة في القطاع، وفريقنا المتميز، وشبكتنا العالمية الممتدة في صناعة السيارات عبر مجالات التمويل، والشؤون القانونية، والعمليات التشغيلية، والتوزيع، والتسويق.

س: كيف يختلف معدل انتشار المركبات الكهربائية بين الأسواق الأوروبية؟
ج: تتفاوت معدلات انتشار المركبات الكهربائية في أوروبا بشكل كبير من سوق إلى آخر. ففي النرويج، على سبيل المثال، تقترب حصة المركبات الكهربائية الخالصة من 80% من إجمالي المبيعات، ومن المرجح أن تتوقف البلاد تماماً عن بيع مركبات محركات الاحتراق الداخلي أو حتى الهجينة خلال عام أو عامين. وعلى النقيض، لا تزال أسواق مثل إيطاليا أو بولندا بعيدة عن اعتماد هذه الفئة على نطاق واسع. أما في تركيا، فقد شكّلت المركبات الكهربائية نحو 9% إلى 10% من إجمالي المبيعات خلال العام الماضي، وهي نسبة تأثرت بالرسوم الجمركية المفروضة على السيارات الصينية، ولولا ذلك لربما تجاوزت 15%.
ورغم أن الاتجاه العام يسير بوضوح نحو المركبات الكهربائية، فإن وتيرة التحول ستظل متفاوتة بين الأسواق، ليس فقط تبعاً لتفضيلات المستهلكين، بل أيضاً نتيجة لعوامل عملية مثل جاهزية البنية التحتية لمحطات الشحن وظروف المعيشة والأطر التنظيمية. ففي دول مثل إيطاليا، حيث يعيش الكثيرون في شقق سكنية بلا مواقف خاصة، تمثل إتاحة بنية شحن ملائمة تحدياً جوهرياً أمام انتشار المركبات الكهربائية.

س: كيف تختلف الحوافز الحكومية للمركبات الكهربائية بين هذه الأسواق؟
ج: شهدت سياسات الدعم الحكومي تحولاً لافتاً في السنوات الأخيرة. ففي الماضي، كانت الحكومات تعتمد على تقديم حوافز مباشرة للمستهلكين، مثل الإعفاءات الضريبية، أو مواقف مجانية في مراكز المدن، أو الإعفاء من رسوم الازدحام المروري. أما اليوم، فقد تغيّر المشهد نحو فرض عقوبات على المصنّعين بدلاً من تقديم مكافآت للمستهلكين. فعلى سبيل المثال، بموجب لائحة متوسط اقتصاد وقود الشركات (CAFÉ) الجديدة في أوروبا، يتعين على المصنّعين الالتزام بمستويات محددة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وإلا واجهوا غرامات مالية عن كل جرام زائد من الانبعاثات.
ويأتي هذا التحول مدفوعاً بإدراك واسع أن المستهلكين لا يميلون لدفع مبالغ إضافية بدافع الاعتبارات البيئية وحدها، بل يحتاجون إلى مزايا ملموسة، سواء عبر خفض تكاليف التشغيل أو تقليص التكلفة الإجمالية للملكية. ولهذا يركز المصنّعون اليوم على إعادة تشكيل مزيج منتجاتهم بدقة، من خلال الموازنة بين نسب المركبات الكهربائية، والهجينة، والهجينة القابلة للشحن، ومركبات محركات الاحتراق الداخلي، بما يضمن الامتثال للوائح ويواكب متطلبات السوق.
س: كيف تطورت علامات المركبات الكهربائية الصينية في السنوات الأخيرة، وكيف يُنظر إليها في أوروبا؟
ج: لقد كان التحول في صناعة المركبات الكهربائية الصينية خلال السنوات الأخيرة لافتاً بكل المقاييس. فعندما زرت الصين لأول مرة قبل نحو 16 أو 17 عاماً، كان مفهوم الجودة لديهم مختلفاً تماماً، ولم تكن هناك أي خطط للامتثال للمعايير الأوروبية. لكن عند عودتي العام الماضي، فوجئت بطفرة هائلة، شملت مواقع تصنيع مؤتمتة بدرجة عالية، وجودة إنتاج مبهرة، وتركيز أكبر على الأسواق الدولية، وفِرق عمل تتحدث الإنجليزية بطلاقة في كثير من الأحيان.
وقد بدأت علاقتنا مع العلامات الصينية مبكراً في أسواق شمال أفريقيا، مثل “إم جي موتور” في المغرب، قبل أن نطلق علامة “بي واي دي” في تركيا في ديسمبر الماضي، حيث جاء تجاوب العملاء فوق التوقعات. فعلى سبيل المثال، سجلنا حتى الآن مبيعات تقارب 11,000 مركبة في تركيا، مع مستويات رضا فاقت ما كنا نتوقعه. إنها بالفعل مرحلة بالغة الإثارة في سوق السيارات العالمية، وأعتقد أنه خلال 10 سنوات سنرى على الأقل ثلاث علامات صينية تتصدر قائمة أبرز شركات تصنيع السيارات عالمياً.
س: كيف يتعامل المصنعون الصينيون مع الرسوم الجمركية الأوروبية؟
ج: إن نظام الرسوم الحالي يجعل من غير المجدي، في كثير من الحالات، أن تخدم العلامات الصينية الأسواق الأوروبية مباشرة من الصين، ما يدفعها إلى تأسيس مواقع إنتاج داخل المنطقة. ولهذا تتجه أنظارها إلى دول مثل تركيا، التي تتمتع بميزة استراتيجية نابعة من عضويتها في الاتحاد الجمركي الأوروبي. فعلى سبيل المثال، ستبدأ “بي واي دي” إنتاجها في تركيا خلال عامين، بهدف تصدير مركباتها إلى الأسواق الأوروبية.
ومع مرور الوقت، أرى أن السوق ستصل إلى نقطة توازن بين أسعار العلامات الصينية والمصنّعين التقليديين. فمع استمرار تحسّن الجودة لدى الشركات الصينية، وما يرافقه من ارتفاع في تكاليف المنتج، ستُعيد هذه العلامات النظر في استراتيجيات تسعيرها، في حين سيواصل المصنّعون التقليديون جهودهم لخفض التكاليف، حفاظاً على قدرتهم التنافسية.
س: ما هي أبرز الفوارق بين تركيا والأسواق الأوروبية الأخرى التي تستهدفونها؟
ج: أبرز الفوارق بين تركيا والأسواق الأوروبية الأخرى يتمثل في النظام الضريبي؛ إذ تمتلك تركيا واحداً من أعلى أنظمة الضرائب على السيارات في العالم. فبالنسبة للمركبات ذات السعة الأقل من 1.6 لتر، توجد ثلاث شرائح سعرية يمكن أن تصل فيها الضريبة الإضافية إلى 80%. أما في فئة المحركات من 1.6 إلى 2 لتر، فترتفع النسبة إلى 150%، وفوق 2 لتر تقفز إلى 220%، أي أن من يشتري سيارة بمحرك 2 لتر يدفع فعلياً ثمن سيارة لنفسه وثمن سيارتين ونصف للحكومة. وفي المقابل، تكتفي غالبية الدول الأوروبية بفرض ضريبة القيمة المضافة على السيارات.
تمتد الاختلافات أيضاً إلى الظروف الاقتصادية، فتركيا تواجه معدلات تضخم مرتفعة تؤدي إلى زيادة كبيرة في التكاليف التشغيلية والمالية. على سبيل المثال، يمكن أن تصل أسعار الفائدة على القروض البنكية إلى نحو 5% شهرياً، مقارنة بـ 7% إلى 8% سنوياً في أوروبا.

ورغم هذه التحديات، تتمتع تركيا بمزايا تنافسية فريدة؛ فهي سوق ضخم يضم 85 مليون نسمة، وأصغر فئة سكانية عمراً في أوروبا بمتوسط عمر يبلغ 29 عاماً، فضلاً عن معدل امتلاك سيارات لا يتجاوز 260 سيارة لكل 1000 نسمة، مقابل متوسط 600 سيارة في أوروبا، ما يكشف عن إمكانات نمو هائلة إذا ما تمكّنا من معالجة التحديات المالية.
س: كيف يتطور قطاع شحن المركبات الكهربائية في تركيا؟
ج: رغم أن قطاع شحن المركبات الكهربائية في تركيا لم يصل بعد إلى المستوى المثالي، إلا أنه في الواقع يتفوق على كثير من الدول الأوروبية، ويشهد وتيرة تطور سريعة. فالحكومة التركية تقدم حوافز مشجعة لشركات الشحن الكهربائي، فيما تتزايد الاستثمارات في إنشاء محطات الشحن العامة على الطرق السريعة وفي مختلف أنحاء البلاد، ما يجعل البنية التحتية للشحن تتحسن باستمرار وتواكب نمو سوق المركبات الكهربائية.

س: برأيك، ما هو أكبر تحدٍّ أمام انتشار المركبات الكهربائية؟
ج: برأيي، التحدي الأكبر أمام انتشار المركبات الكهربائية لا يكمن في البنية التحتية ولا في مدى القيادة، بل في زمن الشحن. فحالياً، يستغرق الوصول إلى نسبة شحن 80% نحو 40 إلى 50 دقيقة، بينما يتوقع المستهلكون زمناً أقرب إلى ملء خزان الوقود التقليدي، والذي لا يتجاوز في المتوسط 12 دقيقة. وإذا ما تمكن المصنعون من خفض زمن الشحن إلى 12 دقيقة لمدى قيادة يتراوح بين 400 و500 كيلومتر — وهو ما توفره محركات الاحتراق الداخلي — فإننا سنشهد تحولاً كبيراً في الإقبال على المركبات الكهربائية. وعندما نصل إلى أزمنة شحن تقارب 10 دقائق، أتوقع أن يتوقف المستهلكون عن شراء مركبات محركات الاحتراق الداخلي تماماً، وهذا هو الهدف الذي يسعى إليه القطاع بأكمله.
