عام على تمكين المرأة من قيادة السيارات: ما الذي تغيّر في السعودية؟
بعد مرور عام على صدور قرار السماح للنساء بالقيادة في المملكة العربية السعودية، تبرز تساؤلات حول تأثير القرار على الأسر والمجتمعات والشركات والاقتصاد في البلاد؟
في يونيو 2018، دخلت 10 سيدات التاريخ عندما أصبحن أول سعوديات يحصلن على رخص لقيادة السيارات، وهو الرقم الذي ارتفع بعد ذلك إلى 40 ألف رخصة مع نهاية يناير 2019 [1].
وعن ذلك، تقول ريما جودت، إحدى هؤلاء النساء العشر الأوائل: “أخيراً أصبح الحلم حقيقة… القيادة تعني الحرية – حرية التنقل باستقلالية. والآن بات بمقدرونا، نحن النساء، امتلاك هذه الحرية. [2]“
جاء قرار رفع الحظر على قيادة المرأة للسيارات في إطار الإصلاحات الطموحة التي تقودها الحكومة السعودية ووسط تصميم على تحقيق التنوع الاقتصادي والفرص المتوخاة في رؤية المملكة 2030، والتي انبثقت عنها خططاً لزيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة من 22% إلى 30% بحلول عام 2030.
“معاً، نواصل بناء بلادنا لتكون كما نتمناها جميعاً مزدهرةً قويةً تقوم على سواعد أبنائها وبناتها وتستفيد من مقدراتها… ولأن المرأة السعودية تمثل ثروة قومية هائلة… فسنواصل تنمية مواهبها واستثمار طاقاتها، وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلها والإسهام في تنمية مجتمعنا واقتصادنا.”
واليوم، بعد مضي اثني عشر شهراً على هذا الحدث التاريخي، يبرز سؤال حول مدى التأثير الذي أحدثه هذا التغيير وأشاد به العالم؟ وما هو التأثير الملموس وغير الملموس لهذا التغيير؟
تأثيرات بعيدة المدى
تشير الاحصاءات إلى أن تعداد السكان من النساء في المملكة العربية السعودية سيصل إلى 15 مليون امرأة بحلول عام 2020. وبحسب هذه الأرقام التي تستند إلى بيانات سكانية مثل العمر والدخل[3]، فمن المتوقع أن تصل نسبة النساء اللاتي سيرغبن في القيادة إلى 20% أو ما يقرب من ثلاثة ملايين امرأة. وأياً ما يكون، فإن إضافة ثلاثة ملايين سائق إضافي إلى طرقات البلاد في أقل من عامين يجلب تغييراً عميقاً وجذرياً في حد ذاته، وهو تغيير يتردد صداه في جميع قطاعات المجتمع.
في عام 2017، كانت الأسر السعودية تنفق نحو 540 مليون دولار أمريكي شهرياً من أجل الاستعانة بسائقين خاصين[4]. وقد زاد هذا الإنفاق بسبب حاجة النساء المتزايدة للتنقل في ظل دخول مزيد من الإناث إلى سوق العمل في القطاعيّن العام والخاص. وقد أدى ذلك بالفعل إلى نمو ملحوظ في العديد من القطاعات الاقتصادية.
وكان من المتوقع أن تشهد جميع شركات تصنيع السيارات، وكذلك الشركات التي تقدم خدمات الصيانة والإكسسوارات، بعض النمو في مبيعاتها. ومن المتوقع أن تكون طرق المملكة العربية السعودية أكثر ازدحاماً بنسبة 20% بحلول عام 2027 مقارنة بعام 2017.[5] ورغم أن كل سائقة جديدة لن تحتاج إلى سيارة جديدة، إلا أنها ستحتاج بالتأكيد إلى التأمين على السيارة وتزويدها بالوقود. فبحسب دراسة نُشرت في أغسطس [6]2018، تعتزم 61% من النساء السعوديات التقدم للحصول على رخصة قيادة، وهو ما يعني أن الطلب على خدمات تأمين السيارات والتزود بالوقود سيشهد نمواً غير مسبوق.
ومن المؤكد أيضاً أن إقبال النساء على القيادة سيحقق طفرة اقتصادية كبيرة. فوفقاً لبعض التقديرات، سيُسهم قرار السماح للمرأة السعودية بالقيادة في إضافة 90 مليار دولار أمريكي إلى الناتج الاقتصادي المحلي بحلول عام 2030. وعن ذلك، يقول زياد داوود، الخبير الاقتصادي في شؤون الشرق الأوسط لدى «بلومبرغ إيكونوميكس»: “إن رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارات يعني زيادة أعداد النساء الباحثات عن عمل، ورفع حجم القوة العمالية في المملكة، وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى ارتفاع عام في الدخول المالية والناتج الإجمالي.”
كما نوهت الدراسة إلى توقعاتها[7] بشأن زيادة الإنفاق في قطاعي البيع بالتجزئة والترفيه باعتبارهما مجاليّن يرتبطان بشكل غير مباشر بقرار السماح للنساء بقيادة السيارات، وأشارت كذلك إلى أن مدارس القيادة النسائية ستشهد نمواً أيضاً. ويقول اللواء محمد البسامي، مدير عام إدارة المرور في المملكة العربية السعودية[9]: “نعتزم إنشاء 14 مدرسة جديدة لتعليم قيادة السيارات للنساء في مختلف مناطق المملكة.”
وثمة أيضاً فرص عمل محتملة للنساء في مجال قيادة السيارات في المملكة. فبحلول يونيو 2018، كانت شركة كريم لخدمات النقل التشاركي قد أكملت تدريب 2000 امرأة لتمكينهن من الحصول على رخص القيادة[10] ليبدأن بعد ذلك العمل كسائقات عبر التسجيل في تطبيق الشركة. وفي سبتمبر 2018، أعلنت شركة أوبر – وهي شركة أخرى شهيرة في مجال النقل التشاركي – عن خطط لإطلاق برنامج تجريبي يتيح للسائقات التابعات للشركة نقل الراكبات الإناث فقط[11]، إذا رغبن في ذلك.
ويُعد قرار السماح للنساء بقيادة السيارات أحد أهم الإصلاحات الرامية لتحسين التنوع الاقتصادي في إطار رؤية المملكة 2030، كونه يقود إلى تغيير هائل في الحريات الفردية والخدمات اللوجستية المنزلية والعمليات التجارية والاقتصاد المحلي في المملكة العربية السعودية.
وفي هذا الصدد، تركز عبد اللطيف جميل للسيارات، بصفتها الموزع الرسمي لسيارات تويوتا ولكزس في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية، على النهوض بدور مركزي وفاعل في هذا المشهد الثوري المستمر في كافة ربوع المملكة، حيث قامت بالفعل بتوظيف ما يقرب من 100 موظفة في الخطوط الأمامية في صالات العرض في جميع أنحاء البلاد، لتقديم الدعم والمشورة للعملاء أثناء شراء السيارات.
وفي إطار مبادرتها التي حملت عنوان “معاً من البداية”، قدمت عبد اللطيف جميل للسيارات تسهيلات في مجال تدريب النساء على القيادة بطرق تتسم بالراحة والسهولة، حيث وفرت أكثر من 500 سيارة تويوتا لمدارس تعليم القيادة في جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن في الرياض وجامعة الملك عبد العزيز بجدة وجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل بالدمام وجامعة تبوك.
ومن خلال شراكتها مع شركة تويوتا، شاركت عبد اللطيف جميل للسيارات أيضاً في سلسلة من الحملات والمنتديات التي هدفت إلى إطلاع النساء على كل ما يتعلق بالقيادة في المملكة، وكان من أبرز هذه الفعاليات برنامج ورش عمل حول السلامة والصيانة الأساسية للسيارات.
نساء يشاركن في حملة ترويجية للسيارات في المملكة العربية السعودية للتوعية بالسلامة على الطرقات وصيانة السيارات وتجربة السيارات.
وفي خطوة مماثلة، بدأت شركة عبد اللطيف جميل للتأمين في توظيف موظفات مبيعات لتلبية الطلب المتزايد على تأمين السيارات. ومع نهاية يونيو 2019، بلغ عدد النساء 25% من مجموع وكلاء المبيعات. وخلال الربع الأول فقط من عام 2019، تم بيع أكثر من 6% من بوالص التأمين على السيارات للنساء. ولعل هذه الأرقام المتصاعدة هو ما دفع عبد اللطيف جميل للتأمين إلى الدخول في شراكة مع شركة أكسا للتأمين في يونيو 2018 بهدف إطلاق حملة لمنح النساء تخفيضاً بنسبة 20% على تكلفة بوليصة التأمين على السيارات.
وبمناسبة حصولها على رخصة قيادة العام الماضي، صرحت شهد وائل القرشي، السعودية ومديرة الاتصالات التسويقية في شركة عبد اللطيف جميل للتطوير التجاري في جدة، قائلةً:
“إن السماح للنساء بالقيادة لهو حدث تاريخي للمملكة العربية السعودية كونه يشكل خطوة أخرى في طريق تمكين المرأة والاعتراف بدورها الجوهري في المجتمع. تقدمتُ للحصول على رخصة قيادة مباشرة بعد صدور القرار وتمكنت من اجتياز الاختبار، ولا أستطيع أن أصف مدى شعوري بالاستقلال والفخر عندما قدت سيارتي للمرة الأولى. أعتقد أن القرار في آثاره الإيجابية يتجاوز أكثر بكثير من مجرد السماح للنساء بالقيادة، فها نحن الآن نرى عدداً أكبر من النساء يلتحقن بسوق العمل في ظل التسهيلات التي رافقت صدور هذا القرار التاريخي. ولا يسعني سوى أن أعرب عن فخري واعتزازي ببلدي، وبالعمل لدى شركة تدعم هذا الحراك المستمر نحو تمكين المرأة وإشراكها في جميع مناحي الحياة بالمملكة.”
[1] 40,000 driving licenses issued to Saudi women, Saudi Gazette, January 9, 2019
[2] Saudi Arabia issues first driving licenses to women, BBC, June 5, 2018
[3] Women driving the transformation of the KSA automotive market, PwC, March 2018
[4] Private drivers cost Saudi families more than SR2 billion monthly, Saudi Gazette, August 1, 2017
[5] The real winners from Saudi’s new stance on women drivers, The National, October 22, 2017
[6] Saudi women driving auto insurance growth, Oxford Business Group, October 6, 2018
[7] Saudi Arabia’s $90 Billion Reason to Allow Women to Drive, Bloomberg, June 24, 2018
[8] Women driving the transformation of the KSA automotive market, PwC, March 2018
[9] 40,000 driving licenses issued to Saudi women, Saudi Gazette, January 9, 2019
[10] We Took a Ride With Saudi Arabia’s First Women Taxi Drivers, Time, June 25, 2019
[11] Why Uber has only ‘a handful’ of woman drivers in Saudi Arabia, while local rival Careem claims more than 2,000, CNBC, October 20, 2018