جميل للسيارات تقود سوق المركبات الكهربائية في السوق المغربي
عزّزَت جميل للسيارات مكانتها في سوق السيارات المغربي في إطار تحوّل البلاد نحو التنقل المستدام في عام 2023، وذلك بعد توقيعها اتفاقية توزيع مع شركة «إم جي موتور» في فبراير الماضي. وبهذه الخطوة، أصبح المغرب السوق الإقليمي العاشر للعلامة التجارية ذات الأصول البريطانية، والتي تضم مجموعة من السيارات الحائزة على جوائز، تشمل المركبات الكهربائية (EVs) والمركبات الهجينة القابلة للشحن (PHEVs)، بالإضافة إلى عدة طرازات تعمل بمحركات احتراق تقليدية.
التقينا سلمى مقبل، المدير العام لجميل للسيارات في المغرب، لمناقشة تفاصيل الشراكة مع «إم جي» وما تعنيه بالنسبة لجميل للسيارات وسوق السيارات الأوسع في المغرب.
س: نود أن تحدثينا عن تاريخ عبد اللطيف جميل في المغرب؟
عبد اللطيف جميل متواجدة في المغرب منذ عام 1995، عندما أطلقت وكالة توزيع تويوتا في الدار البيضاء، وهي الأولى من نوعها في البلاد. وسرعان ما توسعت إلى العاصمة الرباط وغيرها من المدن الكبرى.
تعمل الشركة الآن من 13 موقعاً على صعيد المملكة المغربية، وتقدم خدمات ما بعد البيع وقطع الغيار والسيارات المستعملة، بالإضافة إلى مبيعات السيارات الجديدة. في البداية، كانت عبد اللطيف جميل تمثل علامة تويوتا فقط حتى عام 2018، ثم توسعنا بعد ذلك من خلال طرح علامة لكزس.
والآن من خلال شراكتنا الجديدة والمثيرة مع «إم جي موتور»، نستعد لطرح علامتنا التجارية الثالثة للسيارات في البلاد.
س: منذ متى وأنت تعملين لدى عبد اللطيف جميل؟
انضممت إلى الشركة كمتدربة إدارية في عام 2005، بعد دراستي التسويق والتمويل في جامعة الأخوين في المغرب. تدرجت بعد ذلك في مناصب شملت أقسام المبيعات، وخدمات ما بعد البيع، وورش العمل، والتسويق قبل تعييني في منصبي الحالي.
س: ما هي خصائص سوق السيارات في المغرب؟
يبلغ إجمالي حجم سوق السيارات حوالي 170 ألف سيارة ركاب جديدة سنوياً، منها حوالي 150 ألف سيارة مستوردة. والباقي مصنّع محلياً. وتبلغ حصة الأسطول النشط حوالي 4.2 مليون مركبة، وفقاً لدراسة أجريت عام 2022. [1]
تاريخياً، كان الديزل إلى حد بعيد هو الوقود الأكثر شعبية في المغرب. وحتى وقت قريب جداً، كانت حوالي 96% من مبيعات السيارات الجديدة تعمل بالديزل – وهو معدل أعلى بكثير مقارنة بمعظم الأسواق المماثلة، بما في ذلك أوروبا.
س: هل لاحظتم توجهاً مماثلاً نحو المركبات الأكثر استدامة، مثل السيارات الكهربائية والهجينة، كما يحدث في بلدان أخرى؟
في المغرب، لا يزال التحوّل نحو المركبات المستدامة مثل الكهربائية والهجينة في مراحله الأولى مقارنةً بدول أخرى. ومع ذلك، بدأ هذا الاتجاه يتسارع، رغم أن الديزل كان الخيار المفضل لسنوات طويلة.
وجميل للسيارات تقود هذا التحوّل بجدارة، إذ كانت السباقة في إدخال سيارات تويوتا الهجينة إلى المغرب قبل أكثر من خمس سنوات، لتصبح أول شركة تقدم هذه التقنية الجديدة للسائق المغربي. في ذلك الوقت، شكّل الأمر نقلة نوعية كبيرة، مما دفعنا للعمل بجد لبناء الوعي وتعزيز انتشار السيارات الهجينة في السوق.
واليوم، بعد خمس سنوات، باتت التوجهات أكثر وضوحاً، فالسوق يتجه بوتيرة متزايدة نحو السيارات الهجينة والكهربائية. ونحن نطمح لاستثمار موقعنا الريادي كموزع رئيسي للسيارات المستدامة لتعظيم الفوائد من هذه الفرص الواعدة.
هذه الرؤية تشكل الركيزة الأساسية لاستراتيجيتنا في عام 2024.
لا شك في أن السوق الاستهلاكية في المغرب أصبحت مهيأة تماماً لاستقبال السيارات الهجينة والكهربائية. ونحن بالفعل نرى العديد من العلامات التجارية الجديدة للسيارات الكهربائية تدخل السوق المغربي حالياً، لكن وجودنا الراسخ وسمعتنا القوية يضعانا في موقع متميز كـ”رواد للسيارات الهجينة.” ورغم أن السيارات الهجينة والكهربائية لا تزال تشكل حوالي 5% فقط من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة، إلا أن التوقعات تشير إلى إمكانية تضاعف هذه النسبة خلال العامين المقبلين أو نحو ذلك.
س: كيف تغيرت أعمال جميل للسيارات في المغرب خلال هذه الفترة؟
عندما أعلنت تويوتا في عام 2017 عن وقف جميع طرازات الديزل في سوقنا، كان علينا التحرك بسرعة لإعادة صياغة استراتيجيتنا بالكامل خلال عامين فقط. فقد كان علينا التكيف بسرعة مع واقع جديد. في ذلك الوقت، كانت طرازات الديزل تشكل حوالي 60% من مبيعاتنا. ولهذا ركزنا بشكل كبير على التسويق، والتدريب، وزيادة الوعي، داخلياً وخارجياً. وقمنا بإعادة تدريب فرق المبيعات لدينا ليتمكنوا من بيع السيارات الهجينة بدلاً من السيارات التقليدية، كما عملنا على زيادة الوعي العام بفوائد السيارات الهجينة والكهربائية.
لقد كان تحدياً كبيراً، لكننا حققنا نجاحاً باهراً. فقد تمكنا من استبدال نسبة الـ 60% تلك بسيارات هجينة، والنسبة في ازدياد. وتمكنّا من الصعود من المرتبة العاشرة إلى السابعة في السوق.
نجاحنا اليوم أصبح مرجعاً يُحتذى به لتويوتا في إفريقيا في مجال السيارات الهجينة والكهربائية. شاركنا خبراتنا وأفضل ممارساتنا مع تويوتا، وقدمنا رؤيتنا في العديد من المحافل الدولية، التي أوضحنا فيها كيف نجحنا في تحقيق هذا التحول الكبير في فترة زمنية قصيرة. وعلى الصعيد العالمي، تعتبر شركة تويوتا موتور كوربوريشن نجاحنا نموذجاً متميزاً لكيفية إدخال تقنية جديدة للسيارات في سوق يعتمد بشكل كبير على سيارات وقود الديزل.
س: هل تدعم الحكومة المغربية الانتقال إلى مركبات صديقة للبيئة؟
بالتأكيد، وقد قدمت بالفعل بعض الحوافز، لكنها محدودة للغاية وغير مقنعة تماماً للمستهلكين. على سبيل المثال، خفّضت الحكومة المغربية الرسوم الجمركية على السيارات الهجينة اليابانية من 17.5% إلى 2.5%، وهو أمر يبدو رائعاً. ولكن بفضل اتفاقيات التجارة الحرة، تهيمن العلامات التجارية الأوروبية على السوق بحصة تصل إلى حوالي 50% من المبيعات – فجميعها تتمتع بإعفاء جمركي كامل. لذا، ورغم أن خفض الرسوم على السيارات الهجينة اليابانية مرحب به، لكنه لا يضاهي الحوافز والمزايا المقدمة للسيارات الأوروبية المسيّرة بالديزل.
تدعم الحكومة أيضاً التحول نحو المركبات المستدامة بطريقتين أخريين. فهي تقوم بتحويل جزء من أسطولها الخاص إلى السيارات الهجينة والسيارات الكهربائية، لذلك نتلقى العديد من الاستفسارات من مختلف الوزارات والإدارات الحكومية. وهذه خطوة قوية ورسالة واضحة نحو توجه الحكومة المغربية إلى مستقبل التنقل المستدام.
كما تعمل الحكومة على صياغة خطة تحفيز قائمة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، لكن تفاصيلها لم تُنشر بعد. وكلا المبادرتين ستساعدان في تعزيز نمو سوق السيارات المستدامة في المغرب.
س: ما مدى تطور البنية التحتية للسيارات الكهربائية في المغرب؟
تعد البنية التحتية من أهم العناصر التي يجب تطويرها لزيادة انتشار السيارات الكهربائية على وجه الخصوص.
يعد هذا الموضوع محور نقاش ساخن في المغرب، وقد أجرت جمعية مستوردي السيارات بالمغرب بعض المناقشات الأولية مع الحكومة ولكن لم يتم الإعلان عن أي شيء حتى الآن.
في الوقت الحالي، هناك شركتان من القطاع الخاص تقودان توسعة نقاط شحن السيارات. واحدة منها هي شركة أفريقيا، الشركة الأولى لتوزيع البنزين وتشغيل محطات الوقود. لذا، توجد نقاط شحن في جميع محطات الوقود التابعة لشركة أفريقيا. الشركة الأخرى هي التي تعد الموزع الرئيسي لعلامتي رينو وداسيا في المغرب. ومعاً، توفر الشركتان حوالي 130 أو 140 نقطة شحن للسيارات عبر أنحاء البلاد، خاصة في محطات الوقود الحالية. بالطبع، الكثير من الناس يقومون بشحن سيارتهم الكهربائية في المنزل عبر ألواح الطاقة الشمسية، لذا هم أيضاً يقللون من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بهذه الطريقة.
س: لقد وقعتم اتفاقية توزيع مع «أم جي» في فبراير 2023. فماذا تعني هذه الشراكة الجديدة لجميل للسيارات في المغرب؟
الشراكة مع إم جي موتور تتيح لنا تنويع أعمالنا للاستفادة من تطوّر سوق السيارات في المغرب. درسنا مجموعة طرازات إم جي ووجدنا أنها المكمل المثالي لتشكيلة تويوتا ولكزس الموجودة لدينا حالياً.
تقدم «إم جي» مجموعة من طرازات السيارات الكهربائية الشهيرة جداً، بالإضافة إلى بعض الطرازات المثيرة بمحركات البنزين. لم يكن لدينا في ذلك الوقت أي سيارات كهربائية خالصة في محفظتنا، بينما كان يتم التخلص التدريجي من بعض طرازات البنزين الأكثر شعبية لدينا، مثل تويوتا ياريس. وقد مكّنتنا شراكتنا مع «إم جي» من سد هذه الفجوة في عروضنا وتقديم شيء جديد ومغري للمستهلك المغربي. السعر تنافسي جداً أيضاً. فعندما ننظر إلى نسبة السعر إلى الجودة في سيارات «إم جي»، نجد أنها جذابة للغاية للمشترين في بلد نامٍ مثل المغرب. بدأنا التفاوض معهم في 2019/2020، خلال جائحة كوفيد-19. واستغرقنا أكثر من عامين للاتفاق أخيراً على الصفقة وتوقيع الاتفاقية.
س: ما هي التحديات التي برأيك تواجه في نمو علامة «إم جي» التجارية في المغرب؟
قبل شراكتنا مع «إم جي»، لم يكن هناك سوى علامتين تجاريتين صينيتين في السوق – “شيري” (Chery) و”دي اف اس كي” (DFSK). وخلال العام الماضي أو نحو ذلك، كان هناك تدفق كبير للعلامات التجارية الصينية. وتم إطلاق “جيلي” (Geely) في عام 2023، وكذلك “بي واي دي” (BYD). كما أعلنت “تشانجان” (Changan) عن نيتها دخول السوق، وكذلك “لينك” (Lynk).
يتمثل أحد التحديات التي تواجه بعض العلامات التجارية الصينية في انطباعات المستهلكين من حيث الجودة. و «إم جي» تمتلك ميزة كبيرة في هذا الصدد.
تتمتع علامة «إم جي» بجذور عميقة في المملكة المتحدة، حيث تم تأسيسها. فالشراكة بين ويليام موريس، الميكانيكي الذي تحول إلى رجل صناعة، وسيسيل كيمبر، البائع المبدع، أوجدت تحالفاً أدى في النهاية إلى ولادة العلامة التجارية البريطانية للسيارات: “موريز جاراجز” (MG).
ومنذ عام 1924، اكتسبت «إم جي» سمعة قوية داخل وخارج مضامير السباق، وها هي تحتفل اليومبالذكرى السنوية المائة لإطلاق علامتها التجارية.
كما أن لها حضوراً قوياً في فرنسا، التي لها بالطبع روابط وثيقة مع المغرب، وكذلك إسبانيا، أقرب جيراننا الأوروبيين. إن وجود هذا التراث الأوروبي يعطي للعلامة التجارية موقعاً فريداً وتميّزاً في السوق، بحيث أنه لا يُنظر إليها على أنها علامة تجارية “صينية بحتة”.
استثمرنا أيضاً في حملة تسويقية رفيعة المستوى قادها لاعب كرة القدم المغربي صاحب الشعبية الكبيرة سفيان عمربات. وهذا ساعدنا أيضاً على تعزيز الثقة والمصداقية في العلامة التجارية.
س: ما هي خططكم المستقبلية لنمو جميل للسيارات في المغرب؟
المغرب بلد مستقر سياسياً وبيئة مواتية للأعمال، ويعد أكبر مصدر للسيارات في المنطقة. كما أنه يتمتع بعلاقات وثيقة جداً مع أوروبا، وهو يٌعد مورداً رئيسياً لها. وهو أيضاً بوابة إلى إفريقيا، التي ترتبط مع المغرب بعدد كبير من اتفاقيات التجارة الحرة.
وبالنظر إلى نقاط القوة هذه، والنمو الاقتصادي المستدام وحقيقة أن انتشار السيارات لا يزال منخفضاً نسبياً، نعتقد أن السوق لديه إمكانات هائلة لمزيد من النمو. وهذا يوفر لشركة جميل للسيارات منصة صلبة للتنويع والاستثمار للاستفادة من هذه الفرص.
س: ما هي أولوياتكم للعامين أو الثلاث أعوام القادمة؟
أولاً وقبل كل شيء، هدفنا هو تطوير أعمالنا بشكل أكبر. وسيشمل ذلك تعزيز نمو علامة «إم جي» في المغرب، بالإضافة إلى توسيع أعمال تويوتا ولكزس. نرى فرصاً كبيرة لتوسيع أعمال لكزس على وجه الخصوص، خصوصاً وأن المبيعات تنمو حالياً بأرقام مضاعفة.
لقد نمت جميل للسيارات نفسها بنسبة تزيد عن 40% في عام 2023، وهي الآن العلامة التجارية الأسرع نمواً في المغرب، والأولى من حيث السيارات الكهربائية. وتتوقع جمعية مستوردي السيارات بالمغرب أن تصل حصة السيارات الهجينة والكهربائية بالكامل في السوق إلى 30% في غضون 10 سنوات. ونحن من جانبنا نطمح إلى البناء على هذه الأسس القوية ونعكف حالياً على استكشاف عدد من الأفكار التي لا يمكنني الكشف عنها في الوقت الحالي. باختصار، نحن نتطلع إلى الفترة القادمة من النمو بمزيج من الثقة والتفاؤل والشغف.