من الوقود إلى الكهرباء: ملامح تحول قطاع المركبات في الهند

Jameel Motorsمومباي، الهند
27 أغسطس، 2025
Jameel Motors18 دقيقة للقراءة
Jameel motors

يبدو أن قطاع المركبات الكهربائية في الهند قد وصل إلى لحظة فارقة … إذ تشير اتجاهات المبيعات إلى أن اعتماد المركبات الكهربائية يتسارع في الوقت الحالي بشكل غير مسبوق – ويعتمد ذلك على عدد العجلات .

على الصعيد العالمي، لا تزال مبيعات المركبات الكهربائية تتركز في عدد قليل من الأسواق الرئيسة. فبالنسبة للسيارات، سجلت الصين  60٪ من إجمالي مبيعات المركبات الكهربائية الجديدة، وأوروبا حوالي 25٪ ،  والولايات المتحدة 10٪ – و كانت ال5٪ المتبقية حصة باقي دول العالم.[1]

فكيف يبدو الأمر بالنسبة للهند؟ في عام 2023، لم تتجاوزنسبة المركبات الكهربائية من إجمالي المبيعات 2% ، وهي نسبة لا تقارن بالمتوسط العالمي الذي كان 18% وقتئذ.  قد لا تندهش من هذه الأرقام. ولكن ماذا إذا علمت أن تسجيلات المركبات الكهربائية في الهند قد زادت بنسبة 70٪ على أساس سنوي في عام 2023 لتصل إلى رقم قياسي (80,000 مركبة)[2]؟ وخلال الربع الأول من عام 2024، ارتفعت مبيعات المركبات الكهربائية في الهند مرة أخرى بنسبة 50٪. ومن المتوقع أن يشهد باقي  العام ارتفاعات مماثلة.[3]

وتجدر هنا الإشارة إلى أن خيارات التنقل الكهربائية لا تقتصر على المركبات المزودة بأربع عجلات – لاسيما في الهند. فسوق المركبات ذات العجلتين والثلاث عجلات تعد أقوى بكثير ويعزى ذلك إلى انخفاض التكلفة وسهولة التنقل بها  في الشوارع المزدحمة.

ومن الجدير بالذكر أن عام 2023 قد شهد لأول مرة تفوق الهند على الصين كأكبر سوق عالمي للدراجات الكهربائية التي تسير على ثلاث عجلات، حيث بلغت مبيعاتها الجديدة 580,000 وحدة، وهو ما يعكس ارتفاعًا بنسبة 65% خلال عام واحد[4]. وتحتل الهند المرتبة الثانية بعد الصين فيما يتعلق بمبيعات الدراجات الكهربائية ذات العجلتين، حيث نمت مبيعاتها بنسبة 40% في عام 2023، مدفوعة بجهود شركات التصنيع محلية مثل: أولا إلكتريك، وتي في إس موتور، وآثر، وباجاج، وجريفز إلكتريك موبيليتي .[5]

ومن المتوقع أن تشهد الدراجات النارية والدراجات الكهربائية  ذات الثلاث عجلات، والتي تشكل مجتمعةً ما يصل إلى 90% من إجمالي سوق المركبات الكهربائية في البلاد، ارتفاعًا جديدا بنسبة 45% من الآن وحتى عام 2030. ومن المنتظر أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدل انتشار المركبات الكهربائية في الهند ليسجل 40% بحلول نهاية هذا العقد، أي ثمانية أضعاف المعدل الحالي[6].

وقد يؤدي هذا النمو إلى إطلاق العنان لإيرادات محتملة من المركبات الكهربائية تبلغ حوالي 100 مليار دولار أمريكي في الهند بحلول عام 2030. ويستفيد المصنعون المحليون من هذه السوق المتنامية بفضل الرسوم الجمركية العالية التي تفرض على المركبات الكهربائية الجديدة التي يتم استيرادها، وحظر المركبات الأجنبية المستعملة، والأهم من ذلك توافر بيئة سياسية داعمة ومشجعة.

هل يدرك المشرّعون إمكانات قطاع المركبات الكهربائية؟

سعى المشرّعون الهنود جاهدين لتشجيع اعتماد المركبات الكهربائية أو الهجينة على نطاق أوسع من خلال مجموعة من الاستراتيجيات الداعمة، والتي شملت:

  • برنامج دعم تسريع اعتماد وتصنيع المركبات الكهربائية المعروف اختصارا ب FAME
  • حوافز جانب العرض في إطار برنامج الحوافز المرتبطة بالإنتاج
  • المزايا الضريبية
  • مبادرة التحول إلى المركبات الكهربائية (Go Electric)

وبعض هذه المبادرات التكميلية جديرة بالدراسة تفصيلا.

ما هو برنامج دعم تسريع اعتماد وتصنيع المركبات الكهربائية ؟

يتمثل هدف المرحلتين الأولى والثانية من البرنامج واللتين امتدتا من أبريل 2015 إلى مارس 2024، في تعزيز مبيعات المركبات الكهربائية من خلال جعل شراء تلك المركبات في متناول الجميع، ودعم تقنيات البطاريات المتطورة. وقد تناولت المرحلة الأولى مجموعة واسعة ومتنوعة من المركبات، بدء من عربات الركشة الآلية ووصولا إلى الحافلات وما بينهما. أما المرحلة الثانية فركّزت بشكل أساسي على المركبات الكهربائية ذات العجلتين والثلاث عجلات، وهذه المرحلة تعد المسؤولة عن زيادة مبيعات هذه الفئات خلال السنوات القليلة الماضية. وقد شملت وعود المرحلة الثانية دعم بقيمة 20,000 روبية (حوالي 230 دولارًا أمريكيًا) لكل سيارة يتم شراؤها، فضلا عن التزام حكومي بتوفير 2,700 نقطة شحن في جميع أنحاء البلاد.

وقد برزت أهمية هذين الإجراءين فيما يتعلق بمواءمة الأسعار مع أسعار محركات الاحتراق الداخلي، وتهدئة ما يُسمى بـ”القلق بشأن مدى القيادة مقابل الشحنة” الذي يتملك سائقي المركبات. فخلال المرحلة الأولى من البرنامج والمعروفة اختصارا ب FAME-I ، تأهلت حوالي 278,000 مركبة كهربائية للحصول على حوافز بلغت قيمتها قرابة ال 40 مليون دولار أمريكي. وفي المرحلة الثانية من البرنامج  FAME-II، استفادت أكثر من 870,000 مركبة من دعم مماثل. وتعكس هذه الأرقام تباينًا ملحوظا مقارنة بعام 2014، وهو العام الذي سبق إطلاق البرنامج ، والذي لم تتجاوز فيه مبيعات المركبات الكهربائية ال 480 مركبة فقط طيلة فترة الاثني عشر شهرًا.[7]

ومن أجل سد الفجوة حتى المرحلة الثالثة المنتظرة FAME-III ، بدأ المشرعون سلسلة من التدابير المؤقتة والتي تشمل مخطط تعزيز التنقل الكهربائي والمعروف اختصارا ب EMPS  ، وصندوق،  PM E-DRIVE وذلك لغرض مواصلة دعم مشتريات المركبات الكهربائية ذات العجلتين والثلاث عجلات.

ما هو برنامج الحوافز المرتبطة بالإنتاج؟

اتخذت الحكومة الهندية موقفًا استباقيًا مماثلاً في برنامجها  الخاص بالحوافز المرتبطة بالانتاج . فبموجب هذا البرنامج، يستطيع مصنعو المركبات ومكوناتها المتخصصون في تكنولوجيا المركبات الكهربائية التقدم بطلب للحصول على حصة من صندوق الدعم الحكومي بقيمة 3.6 مليار دولار أمريكي. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المبادرة قد حققت ضعف ونصف هذا المبلغ من الاستثمارات الخاصة، وتم تمديد موعد انتهاءها الأصلي (عام 2027) ل 12 شهرًا إضافية[8].

ويقدم برنامج الحوافز المرتبطة بالإنتاج دفعة ثانية من الدعم، مُخصصة لتطوير قطاع تكنولوجيا البطاريات، من خلال برنامج الخلايا الكيميائية المطورة الذي تم إطلاقه في عام 2021 ويمتد لخمس سنوات [9]. و يُساعد هذا الصندوق، والذي تبلغ قيمته 2.5 مليار دولار أمريكي، في تمويل تطوير مصانع البطاريات العملاقة في الهند، وهو ما يُسهم في نهاية المطاف في توفير حوالي 50 جيجاواط/ساعة من طاقة إنتاج الخلايا الكيميائية المطورة لدعم صناعة المركبات الكهربائية المحلية في البلاد[10]. وقد فازت ثلاث شركات مصنعة حتى الآن بعروض للحصول على حصة من الصندوق، وكشفت عن خططها لإنشاء مصانع عملاقة لبطاريات أيونات الليثيوم.

ما هي مبادرة “التحول إلى المركبات الكهربائية”؟

أطلقت وزارة الطاقة ووزارة النقل البري والطرق السريعة حملة “التحول إلى المركبات الكهربائية”على مستوى البلاد في فبراير من عام 2021. وتُعد هذه الحملة أكثر تركيزا على الجمهور مقارنة بالاستراتيجيات الأخرى التي تمت مناقشتها، فهي تمول حملات إعلانية مكثفة تهدف إلى زيادة الوعي بفوائد التنقل الكهربائي، وتعزيز الثقة في البنية التحتية المتنامية فيما يتعلق بشحن المركبات الكهربائية[11]. ولا تهدف حملة “التحول إلى المركبات الكهربائية” إلى ضمان بلوغ اقتصاد تنخفض فيه نسبة انبعاثات الكربون وحسب، بل أيضًا إلى الحد من اعتماد البلاد الحالي على الواردات.[12]

وتجدر الإشارة إلى أن مثل هذا النوع من المبادرات لن يكتب له النجاح دون دعم سائقي المركبات. ولحسن الحظ، يبدو أن المستهلكين مستعدون لإنفاق المال في هذا المضمار.

رغبات المشترين تبشر بمستقبلٍ مُشرقٍ لقطاع المركبات الكهربائية

يشير خبراء الصناعة إلى أن قطاع المركبات الكهربائية في الهند يقترب من “منعطفًا حاسمًا”[13]. فقد أوضح استطلاعٌ للرأي أُجري عام 2024 إلى أن سبعةً من كل عشرة ممن يقودون المركبات في الهند، عند سؤالهم عن شراء مركباتهم القادمة، صرحوا أنهم يعتزمون اختيار مركبة كهربائية تعتمد اعتمادا كليا على البطاريات أو مركبة هجينة قابلة للشحن. وهذا الرقم (الذي يضم  49٪ يُؤيدون المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات و21٪ يُميلون إلى المركبات الهجينة) يتجاوز بقية دول العالم فيما يتعلق بالمركبات الكهربائية، حيث يبلغ متوسط المستهلكين حول العالم الذين يرغبون أن تكون سيارتهم القادمة صديقة للبيئة 57٪ فقط. و في الهند ، لا يرغب سوى 2٪ فقط من سائقي المركبات في الاحتفاظ بمركبات محركات الاحتراق الداخلي – وتعد هذه النسبة أقل بكثير من النسبة التي تم تسجيلها على مستوى العالم ( 11٪ ). [14]

وتتصدر الهند ذات المناخ الحار الرطب المعركة التي يخوضها العالم ضد تغيّر المناخ. فالفيضاناتٍ الشديدة وموجات الحرٍّ المُميتة تداهم البلاد بوتيرةٍ تنذر بالسوء[15]. لذا، ربما لا يكون من المستغرب أن تمثل حماية البيئة – من خلال الحد من الانبعاثات – أحد أبرز الأسباب التي ذكرها من يفكرون في التحول إلى المركبات الكهربائية. وتجدر الإشارة إلى أن السلامة وقوة العلامات التجارية وسعر الشراء/وتكاليف الملكية تأتي ضمن أبرز العوامل المحفزة التي تلت السيطرة على الانبعاثات[16].

ولكن ما هي أفضل الطرائق لتلبية هذه المطالب التي قليلا ما يُفصح عنها؟ أولاً وقبل أي شيء، لا بد من  الإصغاء إلى العميل. فعلى الرغم من التطورات الأخيرة التي شهدناها فيما يتعلق بالبنية التحتية لشحن المركبات ، لا يزال أكثر من ثلاثة أرباع سائقي المركبات في الهند يشعرون بأن البلاد تفتقر إلى وجود شبكة مناسبة من نقاط الشحن[17]. لذلك، يعد الاستثمار في مرافق الشحن العامة والمنزلية عاملا محوريًا لاعتماد المركبات الكهربائية على نطاق واسع.

ومن المنتظر أيضا أن يسهم وجود منظومة خدمة أكثر شمولاً على تعزيز الثقة في هذه التكنولوجيا، والتي سيحفزها أيضا وجود خطة قوية لإطلاق تجارب قيادة جماعية. وتُظهر الاستطلاعات أن تجارب القيادة التي تمتد لمدة سبعة إلى عشرة أيام على الأقل أثبتت أنها جد مفيدة بالنسبة لـ 24٪ من العملاء المترددين في امتلاك مركبة كهربائية.

وفي الهند، وكما هو الحال في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية الأخرى، قد يثبط سعر المركبات الكهربائية،  والذي يعد مرتفع نسبيًا، بعض العملاء. فعلى الرغم من استحواذ مركبات تاتا الصغيرة من طرازي تياجو وتيجور على خُمس سوق المركبات الكهربائية في الهند خلال عام 2023، وصلت كلفتهم ضعف تكلفة مركبات محرك الاحتراق الداخلي الصغيرة، والتي تبلغ عادةً 7,000 دولار أمريكي[18]، إذ تراوح سعرهما بين 10,000 و15,000 دولار أمريكي للمركبة الواحدة.

وفي سوق استهلاكي سريع التغير، يُعد دمج أحدث الميزات والتقنيات أمرًا مهمًا للغاية. فسائقو المركبات في الهند يسمعون عن التطورات التي يشهدها قطاع تكنولوجيا المركبات الكهربائية في الاقتصادات المتقدمة –  مثل التعرف على الصوت، والحصول على المعلومات عن بُعد، والكبح المتجدد، والخوارزميات التي يمكن تعديلها وفقا للمستخدم، وتحديد المشكلات عن بُعد، وتطبيقات الهاتف المحمول الخاصة بالشحن – وهم يريدون الاستمتاع بهذه المزايا أيضا.

وتجدر الإشارة إلى أن بعض الشركات الناشئة الطموحة في قطاع المركبات الكهربائية تخوض معركة ضد العلامات التجارية العريقة مثل تاتا وماهيندرا، وذلك من خلال دمج التقنيات  المتطورة وطرح المنتجات ميسورة التكلفة، وهو ما يُمكّن قطاعات السوق الجديدة بالكامل من تحقيق أحلامها في امتلاك مركبة كهربائية.

كيف أصبحت عبد اللطيف شريكا في ثورة التنقل الكهربائي في الهند؟

تُعد جريفز إلكتريك موتورز، شريك عبد اللطيف جميل في مضمار التنقل المستدام  في الهند، من أبرز الشركات الرائدة التي تحقق نجاحات ملحوظة في قطاع المركبات الكهربائية في البلاد. وتركز الشركة التي تتكىءعلى إرث هندسي يمتد لأكثر من 165 عامًا، على تصنيع الدراجات البخارية والدراجات النارية والمركبات ذات الثلاث عجلات وطرحها بأسعار معقولة. ويتم تصنيع تلك المركبات في مواقع متفرقة في ولايات تاميل نادو وتيلانجانا وأوتار براديش. ومن أبرز علاماتها التجارية في الهند العلامة : آمبير، وهي من أشهر الدراجات الكهربائية في الهند، وإيلي، وهي مركبة ريكشا آلية مزودة بخمس بطاريات، وتتمتع بمدى قيادة يصل إلى 150 كيلومترًا.

جاءت  استثمارات عبد اللطيف جميل خلال عام 2022   في جريفز إلكتريك موتورز مدفوعة جزئيًا بالتطور المماثل الذي شهدته الشركتان العائليتان العريقتان ومبادئهما. لقد استطاعت جريفز إلكتريك موتورز أيضًا بناء صيتها الزائع من خلال المركبات ذات المحركات التقليدية قبل أن تتجه نحو المركبات المستدامة. ولأنها شركة رائدة في السوق، نجحت جريفز في تحقيق حصة سوقية كبيرة سواء في مضمارالمعاملات بين الشركات أو المعاملات بين الشركات والعملاء. وفي معرض الهند للسيارات 2023، استعرضت جريفز إلكتريك موتورز ما لا يقل عن ستة أنواع جديدة من الدراجات النارية ذات العجلتين وذات الثلاث عجلات للاستفادة من انتعاش الأسواق.

ويهدف الدعم الذي تقدمه عبد اللطيف جميل لشركة جريفز إلى مساعدة الشركة المصنعة على توسعة نطاق محفظتها لتشمل أسواقًا أخرى في جميع أنحاء الجنوب العالمي – وهي فكرة بدأت بالفعل تؤتي ثمارها. من ناحية أخرى، أعلنت جريفز مؤخرًا دخولها لأول مرة إلى السوق العالمية بافتتاح أول صالة عرض لها في نيبال، وذلك بالشراكة مع منظمة  كيديا، وهي تكتل أعمال  كبير هناك. ومن المنتظر أن تصبح كيديا الموزع الحصري لعمليات المبيعات والتسويق والتوزيع و تقديم خدمات ما بعد البيع لدراجات آمبير ذات العجلتين في نيبال. ومن المتوقع أيضا افتتاح العديد من منافذ البيع و نشر الوكلاء في جميع أنحاء البلاد.

وتجدر الإشارة إلى أن شركة جريفز تروج لمجموعة منتجات متنوعة، تشمل أيضًا المركبة الترا الكهربائية ذات الثلاث عجلات والمخصصة لنقل البضائع، والمركبة الترا سيتي المخصصة لنقل الركاب. وفي العام الماضي، عززت  الأخيرة مكانتها كمركبة الثلاثة عجلات التي توفر أطول مدى للقيادة في الهند بعد أن نجحت في تسجيل رقمًا قياسيًا بقطع مسافة 225 كيلومترًا من بنجالور إلى ميسور اعتمادا على شحنة واحدة.[19]

خطة عمل للتحول إلى التنقل الكهربائي المستدام في الهند

ما من أحد يمكنه أن ينكر النجاحات التي حققتها شركة جريفز إلكتريك موتورز  حتى الآن، وهي تمضي قدما لتحقيق المزيد. لكن الشركة لا تزال تخضع للضغوط التي تواجهها أي شركة أخرى تعمل في قطاع المركبات الكهربائية. و هنا يبقى السؤال: كيف يمكن للحكومات والشركات أن تتدخل في هذا القطاع المتنامي – سواء من خلال المبادرات أو غيرها من الطرائق الأكثر فعالية – لضمان تحقيق تحول دائم نحو التنقل المستدام ؟

من المنتظر أن تركز أكثر الاستراتيجيات فعالية فيما يتعلق بالتشجيع على التحول لاستخدام المركبات الكهربائية في الهند على السعر والتقنيات الحديثة والبنية التحتية الداعمة. ولكن مالذي سيترتب على ذلك،  بعيدًا عن التطلعات غير المحددة؟

  • التكلفة: يجب أن تنخفض أسعار المركبات الكهربائية لتقترب من التكلفة الأولية المنخفضة لنظيراتها التي تعمل بتقنية الاحتراق الداخلي، والشائع استخدامها في الهند، والتي تنتجها شركات عملاقة في هذا المجال مثل هوندا. ومن المفارقات أن ذلك قد يترتب عليه تدني الجودة المتعمد وتقليص الميزات الاختيارية. ويستفيد المصنعون، لاسيما الشركات التكنولوجية المتطورة، من الفهم الدقيق لتوقعات العملاء فيما يتعلق ببعض الأمورمثل مدى القيادة والأداء.
  • التوزيع: تنتشر المركبات الكهربائية في الهند على نطاق واسع في المدن الكبرى مثل: دلهي، ومومباي، وتشيناي، وكولكاتا، وحيدر آباد. ولذا يجدر بمصنعي المركبات الكهربائية والمشرعين ابتكار طرائق للتوسع خارج هذه الأسواق الرئيسة، من خلال زيادة عدد منافذ بيع المركبات الكهربائية في المدن المتوسطة، وتثقيف العملاء حول المزايا الاقتصادية والبيئية لها على المدى الطويل. في هذا السياق، قد تظهر الحاجة لوضع استراتيجيات جديدة تعمل جنبا إلى جنب مع نموذج الوكيل التقليدي والذي  يرتبط دوما بارتفاع التكلفة. ومن أمثلة هذه الاستراتيجيات البيع المباشر للعملاء.
  • زخم الأعمال بين الشركات (B2B): الشركات اقل اهتماما مقارنة الأفراد بارتفاع تكاليف شراء المركبات الكهربائية، فالشركات تركز بشكل أكبر على انخفاض التكلفة الإجمالية لامتلاك المركبة خلال فترة عمرها الافتراضي. فعلى سبيل المثال، من المنتظر أن تُضيف شركة أمازون 10,000 مركبة كهربائية إلى أسطولها اللوجستي في الهند بحلول عام 2025، بينما سوف تقوم أوبر بإضافة 25,000 مركبة بحلول العام الذي يليه[20]. ولذا فإن العملاء في قطاع الأعمال  بين الشركات، بسبب عقود أساطيلهم الضخمة، هم من يتوقع لهم أن يصبحوا روادًا في هذا المجال، وأن يُساهموا في تحفيز ثقافة التحول إلى المركبات الكهربائية، ولكن ذلك لن يتحقق إلا إذا بادر المصنعون إلى استهدافهم بجدية وصمموا عروضهم بما يتوافق مع الاحتياجات المحددة لكل قطاع.
  • الشحن: لم يحظ المشترون الأوائل للمركبات الكهربائية في الهند بالتقدير المناسب على موقفهم الجريء.  فالبنية التحتية المحدودة نسبياً لشحن المركبات في الهند تعني وجود نقطة شحن تجارية واحدة لكل 200 مركبة كهربائية؛ في حين تبلغ النسبة في الولايات المتحدة، نقطة شحن واحدة لكل 20 مركبة كهربائية[21]. لذا تحتاج الهند إلى موجة جديدة من نقاط الشحن، ومن الممكن أن يتم ذلك بتمويل من شراكات تقام بين القطاعين العام والخاص. وتحتاج الهند أيضا إلى التركيز على بناء مرافق لاستبدال البطاريات من أجل التشجيع على شراء المركبات الكهربائية مثل مركبات النقل الخفيف.

ومن المنتظر أن تعالج الاستراتيجيات الأكثر فعالية المشكلات الأساسية التي تعيق سرعة انتشار المركبات الكهربائية – والمتمثلة في نقص التمويل الميسر. ففي الوقت الحالي، يواجه المشتري المحتمل للمركبة الكهربائية في الهند عدة تحديات عند البحث عن تمويل لعملية شراء بهذا الحجم: بدء من محدودية التمويل، مروراً بارتفاع أسعار الفائدة، وجداول السداد قصيرة الأجل. وهذا ليس خطأ المقرضين، الذين يجدون أنفسهم يواجهون نفس المخاطر المعروفة في مضمار الصناعات “الناشئة”. فعلى سبيل المثال،  هم يفتقرون إلى  البيانات التي تتيح لهم تقييم تأثير تدهور البطاريات على القيمة الإجمالية للأصل. بالإضافة إلى ذلك،  لا يوجد ما يكفي من الفنيين المتخصصين لتلبية احتياجات الصيانة الخاصة بهذا القطاع الناشئ نسبيًا. ولتحقيق فارق ملحوظ فيما يتعلق بانتشار المركبات الكهربائية في الهند – وتحويلها من منتج يعاني محدودية الطلب إلى خيار منطقي – سيكون من الضروري اتخاذ عدة خطوات قوية.[22]

  • التمويل العام المباشر: تشمل المبادرات برامج الخصم على شراء المركبات، ودعم أسعار الفائدة، والحوافز الضريبية (كتقديم تخفيضات مرتبطة بكل رحلة أو كل عملية توصيل تتم باستخدام المركبات الكهربائية). أما التحديات فتشمل: ارتفاع التكاليف الأولية، ونقص السيولة، و السياسات الحكومية الجامدة.
  • تعبئة الدين:  تشمل الاستراتيجيات إنشاء صندوق مالي لتعويض الخسائر المحتملة التي قد تترتب على التعثر في سداد القروض، أو طرح عطاءات واسعة النطاق بنظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص فيما يتعلق بشبكات الشحن. أما التحديات فتتمثل في نقص السيولة مرة أخرى، بالإضافة إلى ارتفاع مخاطر انخفاض قيمة الأصول، إلى جانب ضبابية مستقبل سوق المركبات المستعملة.
  • الاستثمار في الأسهم والديون: تشجيع دخول رأس المال الخاص  إلى سلسلة قيمة المركبات الكهربائية لتمويل التطوير التقني وتحفيز المبيعات، دون استنزاف الميزانيات الحكومية المثقلة بالفعل. ويمكن لمؤسسات تمويل التنمية، مثل مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، تعبئة أدوات الدين والأسهم بغرض الحد من المخاطر التي تواجهه الشركات الناشئة الطموحة في هذا القطاع.

والهند، شأنها شأن العديد من الاقتصادات النامية، تُمثل بيئةً يصعب على الأسر العادية فيها الحصول على التسهيلات الائتمانية. وغالباً ما يعود ذلك إلى ارتفاع أسعار الفائدة وندرة رأس المال الميسور. ولذا يمكن القول بأن أي تدابير من شأنها تعزيز بيئة تمويلية  أكثر حيوية ستساهم في تسريع وتيرة اعتماد المركبات الكهربائية.

على الرغم من ذلك فأن المخاوف المالية لا تمثل العامل الوحيد الذي يعيق تطور قطاع المركبات الكهربائية في الهند.

لماذا تتصدر الهند التحول العالمي للمركبات الكهربائية؟

قد لا تمثل المبادرات الهندية التي تدعم المركبات الكهربائية النقلة النوعية المطلوبة. وهناك من يشككون في برنامج الخلايا الكيميائية المطورة، والتي تم تصميمها من أجل تحقيق الجيل القادم من بطاريات المركبات الكهربائية، ويرون أن المطورين قد يواجهون ما هو معروف حول العالم من تحديات تتعلق بهذا القطاع. ويشير هؤلاء إلى نقص الخبرة التكنولوجية لدى القوى العاملة المحلية، والاعتماد المفرط على سلاسل التوريد العالمية التي يفوق فيها الطلب على المعادن الأرضية النادرة مثل الليثيوم والكوبالت ما هو معروض ومتوافر منها.

وعلى الرغم من نجاحاته، إلا أن برنامج دعم تسريع اعتماد وتصنيع المركبات الكهربائية  لم يفلح  في توفير أي دعم مالي لقطاع البحث والتطوير بالغ الأهمية، مما ترك الشركات المُصنِّعة مضطرة للاعتماد على التقنيات القديمة. كما أنه لم يُعالج بشكل مرضٍ مشكلة انخفاض أسعار شراء المركبات التي تعتمد على الوقود الحفري. وبالنظر إلى المستقبل، يمكن القول بأنه إذا خفضت المرحلة الثالثة المرتقبة الدعم المخصص للمركبات الكهربائية، كما هو مُقترح، فقد تتباطأ وتيرة النمو، وهو ما سيؤدي إلى تأجيل انتقال اعتماد المركبات الكهربائية من كونها “ظاهرة جديدة” إلى أن تصبح “الوضع الطبيعي الجديد”.

فهل تخرج رحلة الهند في مضمار المركبات الكهربائية عن المسار الصحيح؟ قليلون هم من يتوقعون ذلك. فمنظومة النقل في البلاد تستهلك في الوقت الحالي حوالي 94 مليون طن من النفط والبنزين سنويًا، وهو رقم من المتوقع أن يتضاعف بحلول عام 2030، وجزء كبير من هذه المواد الخام يتم استيراده من الخارج.[23] فالهند تحتاج إلى خفض فاتورة وارداتها من الوقود الحفري، والتي تتجاوز حالياً 100 مليار دولار أمريكي سنويًا، وذلك من أجل تعزيز مكانتها كدولة مستقلة، وربما يومًا ما، كقوة اقتصادية عظمى .

ويجب ألا ننسى أن الهند تتصدر المعركة التي يخوضها العالم ضد تغير المناخ. فمع التقلبات المناخية المتطرفة التي يتمخض عنها المزيد من الكوارث المناخية حول العالم،  بات لزاما على الدول الأكثر عرضة للمخاطر مثل الهند ان تتخذ إجراءات حاسمة في هذا المضمار. وإذا كان تحويل قطاع النقل إلى قطاع صديق للبيئة قادرًا على المساعدة في الحد من ارتفاع درجات الحرارة في العالم، فقد تصبح الهند أقل عرضة لموجات الحرّ الشديدة من نوع موجات الحرالرطبة القاتلة التي أودت بحياة المئات في مايو 2023، أو للضباب الدخاني الذي بات يلف دلهي بعباءته القاتمة حتى بعد انتهاء موسمه الطبيعي .

كل ما تقدم يجعلنا نثق في أن الهند، التي طالما كانت من أكثر الدول إسهامًا في التلوث حول العالم، قد تتكىء على سوقها النابض بالحياة من المركبات ذات العجلتين والثلاث عجلات لدفع الكوكب نحو مستقبل أكثر استدامة.


[1] https://www.iea.org/reports/global-ev-outlook-2024/trends-in-electric-cars

[2] https://www.iea.org/reports/global-ev-outlook-2024/trends-in-electric-cars

[3] https://www.iea.org/reports/global-ev-outlook-2024/trends-in-electric-cars

[4] https://www.iea.org/reports/global-ev-outlook-2024/trends-in-other-light-duty-electric-vehicles#abstract

[5]  https://www.iea.org/reports/global-ev-outlook-2024/trends-in-other-light-duty-electric-vehicles#abstract

[6] https://www.bain.com/insights/india-electric-vehicle-report-2023/

[7] https://chambers.com/articles/evaluating-fame-ii-insights-and-road-ahead

[8] https://timesofindia.indiatimes.com/auto/news/govt-to-extend-rs-26000-crore-auto-incentive-scheme-by-a-year/articleshow/103186163.cms

[9] https://heavyindustries.gov.in/pli-scheme-national-programme-advanced-chemistry-cell-acc-battery-storage

[10] https://heavyindustries.gov.in/pli-scheme-national-programme-advanced-chemistry-cell-acc-battery-storage

[11] https://www.iea.org/policies/12951-go-electric-campaign

[12] https://www.drishtiias.com/pdf/1616134161-go-electric-campaign.pdf

[13] https://www.mckinsey.com/industries/automotive-and-assembly/our-insights/consumers-are-driving-the-transition-to-electric-cars-in-india

[14] https://www.mckinsey.com/industries/automotive-and-assembly/our-insights/consumers-are-driving-the-transition-to-electric-cars-in-india

[15] https://wmo.int/news/media-centre/climate-change-and-extreme-weather-impacts-hit-asia-hard

[16] https://www.mckinsey.com/industries/automotive-and-assembly/our-insights/consumers-are-driving-the-transition-to-electric-cars-in-india

[17] https://www.mckinsey.com/industries/automotive-and-assembly/our-insights/consumers-are-driving-the-transition-to-electric-cars-in-india

[18] https://www.iea.org/reports/global-ev-outlook-2024/trends-in-electric-cars

[19] https://greaveselectricmobility.com/press-release/greaves-eltra-city-travels-225km-on-a-single-charge-becomes-the-highest-range-3-wheeler-in-india

[20]  https://www.bain.com/insights/india-electric-vehicle-report-2023/

[21]  https://www.bain.com/insights/india-electric-vehicle-report-2023/

[22]  https://documents1.worldbank.org/curated/en/099651206172224743/pdf/IDU02131336d03f5c04f11093bd095d144caa38f.pdf

[23]  https://www.drishtiias.com/pdf/1616134161-go-electric-campaign.pdf

Jameel Motors
Jameel Motors
كيف تقود المركبات التجارية الكهربائية التغيير في أوروبا؟
حاشية

[1] https://www.iea.org/reports/global-ev-outlook-2024/trends-in-electric-cars

[2] https://www.iea.org/reports/global-ev-outlook-2024/trends-in-electric-cars

[3] https://www.iea.org/reports/global-ev-outlook-2024/trends-in-electric-cars

[4] https://www.iea.org/reports/global-ev-outlook-2024/trends-in-other-light-duty-electric-vehicles#abstract

[5] https://www.iea.org/reports/global-ev-outlook-2024/trends-in-other-light-duty-electric-vehicles#abstract

[6] https://www.bain.com/insights/india-electric-vehicle-report-2023/

[7] https://chambers.com/articles/evaluating-fame-ii-insights-and-road-ahead

[8] https://timesofindia.indiatimes.com/auto/news/govt-to-extend-rs-26000-crore-auto-incentive-scheme-by-a-year/articleshow/103186163.cms

[9] https://heavyindustries.gov.in/pli-scheme-national-programme-advanced-chemistry-cell-acc-battery-storage

[10] https://www.infolink-group.com/energy-article/energy-storage-topic-analysis-indias-production-linked-incentive-advanced-chemical-battery-manufactu

[11] https://www.iea.org/policies/12951-go-electric-campaign

[12] https://www.drishtiias.com/pdf/1616134161-go-electric-campaign.pdf

[13] https://www.mckinsey.com/industries/automotive-and-assembly/our-insights/consumers-are-driving-the-transition-to-electric-cars-in-india

[14] https://www.mckinsey.com/industries/automotive-and-assembly/our-insights/consumers-are-driving-the-transition-to-electric-cars-in-india

[15] https://wmo.int/news/media-centre/climate-change-and-extreme-weather-impacts-hit-asia-hard

[16] https://www.mckinsey.com/industries/automotive-and-assembly/our-insights/consumers-are-driving-the-transition-to-electric-cars-in-india

[17] https://www.mckinsey.com/industries/automotive-and-assembly/our-insights/consumers-are-driving-the-transition-to-electric-cars-in-india

[18] https://www.iea.org/reports/global-ev-outlook-2024/trends-in-electric-cars

[19] https://greaveselectricmobility.com/press-release/greaves-eltra-city-travels-225km-on-a-single-charge-becomes-the-highest-range-3-wheeler-in-india

[20] https://www.bain.com/insights/india-electric-vehicle-report-2023/

[21] https://www.bain.com/insights/india-electric-vehicle-report-2023/

[22] https://documents1.worldbank.org/curated/en/099651206172224743/pdf/IDU02131336d03f5c04f11093bd095d144caa38f.pdf

[23] https://www.drishtiias.com/pdf/1616134161-go-electric-campaign.pdf